يجعلون (اتّباع (١) الظن) علمهم ، وحسن الظن علمه ، والتكلف (٢) سلطانه. وينشدون بيت ابن الأيهم التغلبي رفعا». قال عمرو بن الأيهم التغلبي ، ويقال : عمير (٣) ابن الأيهم :
قاتل الله قيس عيلان قوما |
|
ما لهم دون غدرة من حجاب |
(ليس بيني وبين قيس عتاب |
|
غير طعن الكلى وضرب الرقاب) (٤) |
الشاهد (٥) في البيت الثاني على رفع (غير) وهي مرفوعة على أنها بدل من (عتاب) وهي في موضع قوله (إلا طعن الكلى) على أن الطعن بدل من (عتاب) كما تقول : ما جاءني أحد إلا زيد ، وما جاءني أحد غير زيد.
يقول هذا الشاعر : إن قيس عيلان لا يحجبها عن الغدر شيء ، يعني أنها لا تستقبحه فتمتنع منه. ثم قال : ليس بيني وبين قيس عتاب ، يريد أن قومه لا يصالحون قيسا ، والعتاب يكون للاستصلاح وإزالة ما بينهم من الشحناء والبغض.
__________________
(١) هي جزء من الآية الكريمة(ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ) سورة النساء ٤ / ١٥٧ وقد استشهد بها سيبويه في هذا الباب.
(٢) يشير الى مثال ضربه سيبويه في الباب نفسه وهو قوله : ما له عليه سلطان إلا التكلف. لأن التكلف ليس من السلطان.
(٣) عمرو بن الأيهم بن أفلت التغلبي ، شاعر نصراني جزري كثير الشعر معاصر للأخطل (ت نحو ١٠٠ ه) ترجمته في : المرزوقي ق ٥٧٣ ج ٣ / ١٣٨٥ ومعجم الشعراء ٢٤٢ والتبريزي ٣ / ١٧٨
(٤) روي البيتان للشاعر في معجم الشعراء ص ٢٤٢ من قصيدة قالها يهجو قيسا. وفي صدر الأول (طرا) بدل قوما. وفي عجزه (غارة) بدل غدرة. وهي مرجوحة لأن الشاعر يهجو ولا يمدح. وذكر البحتري ثانيهما للشاعر في حماسته ق ١٣٣ ص ٣٢ وورد أولهما بلانسبة في اللسان (حيا) ١٨ / ٢٣٥ وفيه (حيّا) بدل قوما.
(٥) ورد الشاهد في : النحاس ٨١ / ب والأعلم ١ / ٣٦٥ والكوفي ٢١٩ / ب