الدار ـ ولم يقل (فيها) ـ وحمل الكلام على المعنى ، لأن الدار والربع والمنزل عبارات مختلفة والمعنى فيها واحد.
المور : الغبار ومادقّ من التراب ، يعفّيها : يغطي الآثار التي في الدار ، والدجن : السحاب الذي قد غطى السماء ـ وهو في هذا الموضع المطر ـ والعجاج : الغبار ، والمهمور : المصبوب ، كأن الريح صبت الغبار على هذا الربع ـ وهذا اتساع ـ والصب إنما يكون في الماء وما أشبهه ، فجعله في الغبار ، والمسفور : المقشور ، وذيل الريح : مؤخرها. وأراد : لكل ريح في هذا الربع مكان ذيل مسفور ، والريح تقشر التراب الذي على وجه الأرض وتحمله من مكان إلى آخر ، فالمكان الذي يمر به ذيل الريح هو مؤخرها. مقشور : أي مقشور ترابه ، وفي (يستدرج) ضمير من الذيل ، يريد أن ذيل الريح يستدرج التراب يحمله. والفن : الضرب ، و (فن) رفع معطوف على (ذيل). زعم أن لكل ريح في هذا الربع مكانا (١) تسفره تقلع ترابه. وفن : مكان آخر تغطيه بتراب تحمله من مكان غيره إليه ، فهي تأخذ التراب من مكان وتحمله إلى مكان آخر. والمعفور : مأخوذ من العفر وهو التراب ، ويقال للمغطى بالتراب : معفور.
خبر الأحوص :
قدم الأحوص البصرة ، فخطب إلى رجل من بني تميم ابنته وذكر له نسبه. فقال له : هات لي شاهدا واحدا يشهد أنك ابن من حمى الدّبر (٢) وأزوّجك ، فجاءه بمن يشهد له على ذلك ، فزوجه إياها. وشرطت عليه ألا يمنعها من أحد
__________________
(١) في الأصل والمطبوع (مكان) بالرفع. وهو سهو.
(٢) الدّبر جماعة النحل أو الزنابير ، وحميّ الدّبر هو عاصم بن ثابت الأنصاري جد الأحوص الشاعر وذلك أن المشركين لما قتلوه أرادوا أن يمثلوا به ، فسلط الله عليهم الزنابير الكبار تأبر الدارع. فارتدعوا عنه حتى أخذه المسلمون فدفنوه. وروي الخبر في سيرة ابن هشام ٣ / ١٨٠ وانظر الصحاح (دبر) ٢ / ٦٥٢