قوله : الظاعنين ولما يظعنوا أحدا ، يريد أنهم إذا رحلوا لم يتبعهم حليف ولا مولى. يعني أنهم لا يحالفهم أحد ، ولا يدخل في جملتهم ليعزّ بهم لأنهم لا نصرة عندهم. ويجوز أن يريد أنهم إذا ظعنوا من مكانهم وكرهوه ، لم يستبدلوا به مكانا فيه قوم غيرهم فيزعجوهم عنه ، لأنهم لا قدرة لهم على تحويل أحد من مكانه. والقائلين : لمن دار يمكننا أن ننزلها ، فإنا نخلّي الدار التي نحن فيها.
[في النعت]
٣٤٣ ـ قال سيبويه (١ / ٢٧٢) في الصفات ، قال ابن أحمر :
خلد الجبيب وباد حاضره |
|
إلا منازل كلّها قفر |
(ولهت عليه كلّ معصفة |
|
هو جاء ليس للبّهازبر) (١) |
الشاهد (٢) أنه جعل (هو جاء) نعتا ل (كل).
والجبيب (٣) موضع بعينه ، خلد : أقام. يريد أنه بقي وذهب من كان
__________________
والشاهد فيه نصب (الظاعنين) على الذم بتقدير (أعني). وقد ورد في : النحاس ٦٠ / أوالأعلم ١ / ٢٤٩ وشرح الأبيات المشكلة ٨١ والإنصاف ٢ / ٢٥٠ والكوفي ٤١ / أ.
وذكر الفارقي أنه يجوز لك نصب (الظاعنين والقائلين) معا على الذم ، ورفعهما معا بإضمار (هم) كما يجوز رفع أحدهما ونصب الآخر صنيع سيبويه ، فقد نصب (الظاعنين) ورفع (القائلون) وهو خير من جعلهما على حال واحدة من النصب أو الرفع وذلك لتجديد اهتمام السامع وإثارته لملاحظة المعاني المقصودة.
(١) شعر ابن أحمر ق ١٩ / ٢ ـ ٤ ص ٨٦ وجاء في صدر الثاني (عليها) بدل عليه وهو أجود للمعنى والوزن ، فالضمير يعود الى المنازل.
وروي الثاني لابن أحمر في : المخصص ١٦ / ١٢٨ واللسان (هيج) ٣ / ٢١٨ و (زبر) ٥ / ٤٠٣ وبلا نسبة في : المخصص ٣ / ٥٢
(٢) ورد الشاهد في : الأعلم ١ / ٢٧٢ والكوفي ٢١٨ / أ.
(٣) ذكر البكري ٢٢٨ أن اسمه الجب وهو ماء لبني ضبينة ، وصغّره ابن أحمر (وذكر البيت). وانظر الجبال والأمكنة ٥٢