لا يضيرها من يأتها ، كذا قدّره سيبويه ، وأجاز أيضا في هذا البيت وفي نظائره ، أن نقدر الفاء فيه محذوفة منه ، ولا يقدر فيه / التقديم. كأنه قال : من يأتها فهو لا يضيرها ، وحذف الفاء والمبتدأ.
فأما هذا الوجه فيوافق عليه ـ أعني حذف الفاء ـ وأما تقديره تقديم الفعل ، فإن أبا العباس يمنع منه ويقول لو قدرت الفعل متقدما لصارت (من) فاعلة له ، ولو كانت (من) فاعلة لخرجت عن أن تكون شرطا وصارت بمعنى الذي ، وصار الفعل الذي بعدها مرفوعا ، فكنت تقول : لا يضيرها من يأتيها.
والجواب عما قال أبو العباس : أن التقدير في (لا يضيرها) أن يكون مقدما وفيه ضمير فاعل كأنه قال : لا يضيرها ضير أو لا يضيرها شيء. كما قال الله تعالى (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ)(١).
وفيه وجه آخر وهو عندي جيد ، وهو أن يكون الفاعل في (لا يضيرها) (التحمّل) ويكون (تحمّل) قد دل على المصدر الذي هو فاعل (يضيرها) ولو قدر فيها أن فاعلها (التحمل) ـ على كل حال ـ صلح ، إن قدرت الفاء محذوفة ، أو قدرت فيه التقديم.
والغيار : مصدر غار أهله يغيرهم إذا مارهم ، والميرة : يقال لها الغيرة ، والوسوق : جمع وسق والوسق ستون صاعا ، و (برها وشعيرها) بدل من (الوسوق).
أتى البختيّ قرية كانت كثيرا طعامها ، واللفظ للبختي والمعنى لصاحبه ، والرفغ : التراب الكثير. كل شيء يمير هذه القرية ، يأتي إليها كل حين من كل
__________________
(١) سورة يوسف ١٢ / ٣٥