يريد أن القسم إذا جاء في أول الكلام ، رجب أن يكون الفعل الذي يأتي بعده جوابه ، وتكون (إذن) ملغاة ـ فالفعل الواقع بعد (إذن) جواب ، ولا يخلو من أن يكون إيجابا أو نفيا ، والفعل في جواب القسم إذا كان إيجابا ، تدخل عليه النون الثقيلة أو الخفيفة ، ويدخل في أوله اللام.
فلو كان الفعل في هذه المسألة جوابا لليمين ـ وأنت تريد إثبات الفعل ـ لوجب أن تقول : (والله إذن لأفعلنّ) ولا يجوز في جواب القسم أن تقول : (والله أذهب) فكذا لا يجوز (والله إذن أفعل) وإن أردت أن يكون الجواب منفيا ، صلح الكلام فقلت : (والله إذن لا أفعل). وتحذف (لا) وأنت تريدها فتقول : (والله إذن أفعل). قال كثيّر :
حلفت برب الراقصات الى منى |
|
يغول البلاد نصّها وذميلها |
(لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها |
|
وأمكنني منها إذن لا أقيلها) (١) |
الرقص : ضرب من الخبب في العدو. حلف برب الإبل التي يسار عليها إلى الحج ، وتغول البلاد : تقطعها ، والنص والذميل : ضربان من العدو. (لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها) أي بمثل المقالة التي كان قالها لي. وكان عبد العزيز (٢) وعد
__________________
(١) البيتان لكثيّر عزة في شرح شواهد المغني للسيوطي ٦٣ ـ ٦٤ وأورد الجاحظ ثانيهما في خبر عن الشاعر دعاه إلى جعله إياه في عداد الحمقى. في البيان والتبيين ٢ / ٢٤١
وقد ورد الشاهد ـ وهو إلغاء (إذن) لاعتمادها على القسم ـ في : النحاس ٨٨ / ب والأعلم ١ / ٤١٢ والكوفي ٢٣٧ / ب والمغني ش ١٩ ج ١ / ٢١ وأوضح المسالك ش ٤٩٥ ج ٣ / ١٦٩ وشرح السيوطي ش ١٦ ص ٦٣ والأشموني ٣ / ٥٥٤ والخزانة ٣ / ٥٨٠
(٢) هو عبد العزيز بن مروان والد الخليفة عمر بن عبد العزيز ، ولي مصر لأبيه مروان منذ ٦٥ ه إلى أن توفي سنة ٨٥ ه. ترجمته في : الكامل لابن الأثير ٣ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨ و ٤ / ١٠١ والخزانة ٣ / ٥٨٣