(وسمر ظماء واترتهنّ بعد ما |
|
مضت هجعة من آخر الليل ذبّل) (١) |
وصف كعب قبل هذه الأبيات ذئبا وغرابا كانا يتبعانه في مسيره ، ليصيبا مما معه شيئا ، أو يرقبا موت راحلته ليأكلا منها شيئا. فذكر أنهما لم ينالا منه شيئا ، وأنهما لم يجدا في المناخ الذي أناخ فيه شيئا ، وإنما وجدا المناخ نفسه ، وهو موضع الإناخة ، وفيه أثر بروكها ، وأثر الموضع الذي فحصت حصاه ، أي نحّت حصاه بعنقها حين مدّتها فيه.
والنواجي : قوائمها ، ومثناها : ماثنته من قوائمها عند بروكها ، لم يخنهنّ مفصل : أي مفاصلها صحاح لم يصبها ظلع. والجران : باطن العنق / فإذا (٢) بركت نّحت الحصى بعنقها حتى تمدّ عنقها على الأرض. فلا يكون في الموضع الذي تمد عنقها فيه (٣) ما يؤذيها. والكلكل : الصدر ، والزّور (٤) أعلاه ، وتجافى بها : رفعها من الأرض ، والسّمر : بعرات ألقتها في الموضع الذي بركت فيه ، وجعلها ظماء لأنها قد عطشت وجاعت فيبس ما تلقيه من بعرها ، واترتهنّ : ألقتهنّ شيئا بعد شيء. والهجعة : النّومة ، والذّبّل : جمع ذابل وذابلة ، و (ذبّل) وصف ل (ممر).
والشاهد (٥) فيه أنه لم يعطف (وسمر) على (مناخ مطيّة) ورفع بالابتداء ، وأضمر الخبر ، ولو نصب لكان جيدا.
__________________
(١) شرح ديوان كعب ص ٥٢ ، وجاء في صدر الثاني (ومضربها تحت الحصى) وروي الثاني لكعب في : اللسان (فرص) ٨ / ٣٣١
(٢) في المطبوع : وإذا.
(٣) في المطبوع : (فيها). والعنق مما يذكر ويؤنث. انظر : المذكر والمؤنث للمفضل بن سلمة ص ٥٢
(٤) والزور النبيل : المشرف الواسع.
(٥) ورد الشاهد في : النحاس ٣٨ / أوتفسير عيون سيبويه ٢٩ / ب والأعلم ١ / ٨٨ وقال النحاس : رفع السّمر على المعنى ، كأنه قال : بها سمر.