العصافير ، أي أحلامهم حقيرة وأجسامهم عظيمة ، ويجوز أن يريد أنهم لا أحلام لهم كما أن العصفور ليس له حلم.
[لا يصح هنا غير النصب بإضمار فعل ـ للمعنى]
٣٠٢ ـ قال سيبويه (١ / ٣٥٣) وأما قول جرير :
(يا صاحبيّ دنا الرّواح فسيرا |
|
لا كالعشيّة زائرا ومزورا) (١) |
فلا يكون إلا نصبا (٢) ، من قبل أن العشية ليست بالزائر.
ذكر سيبويه هذا البيت بعد ذكره : «لا مثله أحد ولا كزيد أحد». وأجاز في (أحد) النصب والرفع أما الرفع فعلى أنه جعل (أحد) صفة ل (مثل) على الموضع ، لأن قوله (لا مثله) في موضع ابتداء فنعته على الموضع.
وأما النصب فلأنه نعت ل (مثل) على لفظه. وقوله : لا كزيد أحد ، هذه الكاف حرف ، وهي في موضع نعت ل (شيء) محذوف ، كأنه قال : لا شيء كزيد ، فحذف المنعوت وأقام النعت مقامه وأتي ب (أحد) على أنه نعت لذلك المحذوف المقدر. وجاز في نعته الوجهان ، كما جاز في قولنا : لا مثله أحد. ثم قال في بيت جرير : لا يكون إلا نصبا. وهذا الذي ذكره واضح.
لأنا إذا قلنا : لا مثله أحد ، ف (أحد) هو المثل ، كما تقول : لا رجل أفضل منك ، وكذا قولنا : لا كزيد أحد ، يريد به ، ولا شيء مثل زيد أحد. ف (أحد) هو الشيء و (الشيء) المثل ، ولو قدّرنا مثل هذا في قوله (لا كالعشية) لصار : لا كالعشية عشية زائر ، فجعلنا (زائر) وصفا ل (عشية) لم يصلح ،
__________________
(١) ديوان جرير ص ٢٩٠ من قصيدة قالها يهجو الأخطل.
(٢) ورد الشاهد في : المقتضب ٢ / ١٥٢ وتفسير عيون سيبويه ٣٧ / أوالأعلم ١ / ٣٥٣ والكوفي ٥٧ / أو ٢٠٤ / أوالخزانة ٢ / ١١٤