(ظللنا بمستنّ الحرور كأنّنا |
|
لدى فرس مستقبل الريح صائم) |
أغرّ من البلق العتاق يشفّه |
|
أذى البقّ إلا ما احتمى بالقوائم (١) |
الشاهد (٢) فيه على أنه وصف (مستقبل الريح) ب (صائم) و (مستقبل الريح) مضاف إلى معرفة لم يتعرف بها فهو في حكم نكرة غير مضافة ، ولذلك نعت ب (صائم).
ومستنّ الحرور : الموضع الذي تجري فيه الريح الحارة (٣) ، والحرور : الريح الحارة ، والصائم : الواقف. وأراد أنهم ظلوا نازلين نصف النهار في يوم شديد الحر في فلاة ، وأنهم حين نزلوا مدوا ثوبا وشدوه بسيوفهم وقسّهم ، وجلسوا تحته يستظلون به ، فكلما دخلت الريح فيه تحرك واضطرب. فكأنه فرس قائم ، كلما قرصه البق رفع قوائمه ليذبّ عن نفسه ويطيّر البق ، ويشفّه : يؤذيه.
شبّه تحرك الثياب التي شدوها ، بتحرك الفرس الذابّ عن نفسه البقّ وهو قائم. واحتمى : امتنع ، و (أغر) وصف للفرس. وإنما جعله أبلق ؛ لأن الثياب التي نصبوها وشدوها هي ألوان ، فلذلك جعل الفرس أبلق (٤).
__________________
(١) ديوان جرير ص ٥٥٤ من قصيدة قالها ينقض قصيدة الفرزدق التي مطلعها :
ودّ جرير اللؤم لو كان عانيا |
|
ولم يدن من زأر الأسود الضراغم |
انظر النقائض (أوربا) ٧٥٣ وروي الأول لجرير في : اللسان (حرر) ٥ / ٢٥٠ و (سنن) ١٧ / ٩٠ والثاني في (بقق) ١١ / ٣٠٤
(٢) ورد الشاهد في : النحاس ٥٥ / ب والأعلم ١ / ٢١١ والكوفي ٢٠١ / أ. وقال النحاس مستقبل الريح نكرة لأن التنوين مضمر كأنه قال : مستقبل الريح ، فحذف التنوين.
(٣) موضع اشتداد حرها. اللسان (حرر) ٥ / ٢٥٠ و (سنن) ١٧ / ٩٠
(٤) البلق سواد وبياض. الصحاح (البلق) ٤ / ١٤٥١