الذي. وقد زعم قوم أن أبا يحيى (١) اللاحقيّ حكى أن سيبويه سأله عن شاهد في إعمال (فعل) فعمل له البيت.
وإذا حكى أبو يحيى مثل هذا عن نفسه ، ورضي أن يخبر أنه قليل الأمانة ، وأنه أؤتمن على الرواية الصحيحة فخان ، لم يكن مثله يقبل قوله ويعترض به على ما قد أثبته سيبويه. وهذا الرجل أحب أن يتجمل بأن سيبويه سأله عن شيء ، فخبر عن نفسه بأنه فعل ما يبطل الجمال ، ويثبت عليه عار الأبد. ومن كانت هذه صورته ؛ بعد في النفوس أن يسأله سيبويه عن شيء.
[النصب على المعنى بإضمار فعل]
٢٠٧ ـ قال سيبويه (١ / ٤٩) قال الشاعر (٢) :
(يذهبن في نجد وغورا غائرا) (٣)
الشاهد (٤) في نصب (غورا غائرا) بإضمار فعل ، كأنه قال : يذهبن في نجد ويسلكن غورا غائرا. والغور : تهامة وما يليها ، ونجد : هو من نحو فيد إلى الكوفة وإلى البصرة وما يلي ذلك. يعني بذلك قصائد قد صارت في الغور وتهامة ، أو أفعالا يفتخر بها ، أو حروبا قد غار ذكرها وأنجد.
__________________
(١) اسمه أبان بن عبد الحميد بن لاحق الرقاشي من شعراء البصرة في العصر العباسي ، اتصل بالبرامكة ونظم لهم كليلة ودمنة ، وهجاه أبو نواس. (ت ٢٠٠ ه) ترجمته في : الخزانة ٣ / ٤٥٨
(٢) هو العجاج عند سيبويه وتبعه في ذلك الأعلم.
(٣) ورد البيت في : مجموع أشعار العرب ق ١١٤ / ٣ ج ٣ / ١٩٠ تحت عنوان زيادات ، دون أن ينسبها إلى أحد. وفيه (يسلكن) بدل يذهبن.
(٤) ورد الشاهد في : الأعلم ١ / ٤٩ والكوفي ٤٣ / أ.