ومعنى قوله أسجح : سهّل علينا حتى نصبر ، فلسنا بجبال ولا حديد فنصبر على ما تفعله بنا. وبلغني عن بعض من تأدب بالنظر في أبيات من الشعر ـ ودخل على بعض السلاطين الذين لا يميزون من دخل إليهم إلا بحسن الزّيّ والهيئة ـ أنه أنكر استشهاد سيبويه بهذا البيت وقال : البيت مجرور ، ومعه أبيات مجرورة (١).
ولم يعلم أن هذا البيت يروى نصبا مع (٢) أبيات منصوبة ، ويروى جرا مع أبيات مجرورة. فمن رواه بالنصب روى معه :
__________________
الإعراب ١ / ١٤٧ و ٢٩٤ وتفسير عيون سيبويه ١٢ / ب والأعلم ١ / ٣٤ وشرح الأبيات المشكلة ٩٠ والإنصاف ١٨٧ والكوفي ١٧ / أو ١٤٨ / أوالمغني ش ٧٤٠ ج ٢ / ٤٧٧ وشرح السيوطي ش ٧١٩ ص ٨٧٠ والخزانة ١ / ٣٤٣ و ٢ / ١٤٣
وذكر النحاس أن تأويله : فلسنا بالجبال ولا بالحديد ، فلما فقد الباء نصب. وأشار ابن جني إلى أن هذه الباء زائدة مؤكدة. ويرى الكوفي أن العطف على اللفظ أولى إن أمكن.
(١) رد الأعلم في ١ / ٣٤ هذا الإنكار عن سيبويه بقوله : «وسيبويه غير متّهم فيما نقله رواية عن العرب ، ويجوز أن يكون البيت من قصيدة منصوبة غير هذه المعروفة ، أو يكون الذي أنشده رده إلى لغته فقبله منه سيبويه منصوبة ، فيكون الاحتجاج بلغة المنشد لا بقول الشاعر».
وقد أكد ابن السيرافي وجود روايتي الجر والنصب كما ترى في النص ، وجاء عند الكوفي ١٤٨ / أما يشبه كلام ابن السيرافي دون زيادة. أما البغدادي فقد فصّل وأورد من القصيدة أبياتا أخر يجوز في بعضها جر القافية ونصبها ويتعذر غير الجر في بعضها الآخر. وختم عرضه بإيراد أبيات منصوبة في هجاء بني حرب على البحر والقافية لعبد الله بن الزّبير الأسديّ مشيرا إلى أنه ربما تداخل شيء منها في قول عقيبة. انظر الخزانة ١ / ٣٤٣ وما بعدها.
وقد أشار ابن عبد ربه إلى هذه الأبيات وأكد أن الشاعر قالها بالخفض ، وأورد منها أربعة أبيات. انظر ذلك في العقد الفريد ٦ / ٢٣٠ (باب ما غلط فيه على الشعراء).
(٢) في المطبوع : ومعه.