__________________
فيه حذاق العلماء والنسابين ؛ لم يجعل نفسه غرضا لكل رام. وروي عن أبي عثمان المازني قال : حملنا منتخبات المفضل فقرأناها على الأصمعي ، فكل ما كان فيها من أشعار الشعراء المعروفين أجاب فيها ، فلما صرنا إلى أشعار القبائل بلّح فيها أبو سعيد. وهذا باب صعب.
وكنت قد قلت : إن من لم يتقن علم النسب ومنازل العرب ، وخاض في تفسير مثل هذا الشعر زلت قدمه.
والصواب ما أنشدناه أبو الندى رحمه الله :
شفينا الغليل من سمير وجعون |
|
وأفلتنا ربّ الصّلاصل عامر |
بضم الصاد من (الصّلاصل) وذكر أنه ماء لعامر هذا ، في واد يقال له الجوف ، به نخيل كثيرة ومزارع جمة. ولا يكادون يقولون : فلان رب كذا إلا أن يكون عظيما من عظمائهم وسيدا من ساداتهم ، كما قالوا رب مروان ورب معدّ ورب خصاف ، وكما قالوا رب الخورنق والسدير وأشباه ذلك.
قال س : وذكر أن رهطا من عبد القيس وفدوا على عمر بن الخطاب فتحاكموا إليه في هذا الماء ـ أعني الصّلاصل ـ فأنشده بعض القوم قول تليد العبشمي هذا ، فقضى بالماء لولد عامر هذا.
وهي أبيات شريفة أنشدناها أبو الندى. والقصة ما ذكره ابن السيرافي ، إلا أنه لم يذكر أسماءهم وألقابهم ، وأنا ذاكر ذلك بعد إيراد الأبيات. وهي.
١) أتتنا بنو قيس بجمع عرمرم |
|
وشنّ وأبناء العمور الأكابر |
٢) فاتوا مناخ الضيف حتى إذا زقا |
|
مع الصبح في الروض المنير العصافر |