قال : فإن قال قائل : مذهب أبي العباس أولى ؛ لأن / البيت على مذهب سيبويه فيه قبح من وجهين :
أحدهما أنه فصل بين المضاف والمضاف إليه في الاسم الأول ، وحذف المضاف إليه في الثاني. قيل له : قول أبي العباس فيه قبح من جهة أنه حذف المضاف إليه من الاسم [الأول](١) والاسم الثاني على ما توجبه العربية (٢).
قيل له : إن المضاف إليه قد يحذف في الكلام ولا يكون حذفه ضرورة ، نحو : يا رب اغفر لي ، ويا غلام أقبل ، يريد يا غلامي. قال الله عز وجل : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ (٣) يريد به من قبل كل شيء ، ومن بعد كل شيء. فحذف المضاف إليه.
فإن قال : هذا لا يشبه ما ذكرت ؛ لأن المضاف إليه إذا حذف جرى المضاف (٤) في اللفظ مجرى الاسم الذي ليس بمضاف ، وتغيّر عن اللفظ الذي كان عليه في حال (٥) الإضافة.
وقوله (أو بداهة) قد بقي مفتوحا على ما كان عليه في حال الإضافة ، غير منوّن. وهذا لا يكون إلا في الضرورة.
قيل له : إنه ولي (بداهة) اللفظ ب (قارح) لم يغيّروه ، لأنه قد وليه ما كان يجوز أن يضاف إليه ، فجعلوا اللفظ على لفظ إضافة البداهة إلى القارح. والتقدير على خلاف ذلك (٦).
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق ، ليست في المطبوع.
(٢) أشار إلى الوجهين وأغفل الثاني.
(٣) سورة الروم ٣٠ / ٤
(٤) في الأصل والمطبوع (المضاف إليه) وهو سهو.
(٥) في المطبوع : حالة.
(٦) ورد الشاهد في : سيبويه أيضا ١ / ٢٩٥ ومعاني القرآن ٢ / ٣٢١ وسر صناعة