لا نغزوكم كذب ، وأنّا لا نجتمع ولا نزوركم بالخيل والسلاح غازين لكم. ولا براءة للبريء ، يقول : من كان بريئا منكم لم تنفعه براءته ، لأن الحرب إذا عظمت وتفاقمت لحق شرها البريء ؛ كما يلحق غيره. وأراد أننا ننال جماعتكم بما تكرهون ، ولا نقبل منكم عطاء (١) ولا خفارة تفتدون بها منا حتى نترك قتالكم.
وأراد لا قبول عطاء لكم ولا خفارة ، (إلا بداهة) استثناء منقطع.
يقول : نحن لا نقبل منكم عطاء ولا خفارة ، لكن نزوركم بالخيل. والبداهة (٢) : أول جري الفرس ، والعلالة : جري بعد جريه الأول. والقارح من الخيل : الذي قد بلغ أقصى أسنانه (٣). ويروى : سابح. والسابح : الذي يدحو بيديه في العدو ، والجزارة من الفرس : رأسه وقوائمه ، والنهد : العظيم ، ولم يرد أنّ على قوائمه لحما كثيرا ؛ وإنما يريد أن عظامه غليظة. والمطيّ : جمع مطيّة وهي الراحلة التي يركب مطاها : وهو ظهرها ، والمباهاة : المفاخرة والمعاظمة. يريد (٤) أنهم لا يركبون من الإبل إلا البزل والجلّة ، وكانوا يعيّرون من ركب (٥) بكرا (٦) أو بكرة. وقوله : لا نقاتل بالعصيّ ، يريد أنهم ليسوا
__________________
(١) اختار محقق الديوان العطاء بكسر العين وشرحها بمعنى الانقياد ، من : عاطى بيده إذا انقاد ، والخفارة الذمام. أي : لا براءة لبريء ولا إسجاح ولا انقياد ولا حرمة ولا جوار.
(٢) كذا شرح اللسان للبداهة والعلالة في بيت الأعشى (علل) ١٣ / ٤٩٧ و (بده) ١٧ / ٣٦٨ وقال شارح الديوان : العلالة البقية من الشيء ، والبداهة المفاجأة ، أي : لن يكون بيننا إلا مفاجأة فرس طويل العنق والقوائم يستنفد القتال العلالة الباقية من نشاطه. أقول : وماذا ينفع الفرس حين يصل إلى هذه المرحلة من استنفاد القوة! وشرح ابن السيرافي أليق بمراد الشاعر.
(٣) ذكر البغدادي أن ذلك عند إكماله خمس سنين ١ / ٨٤ والقارح من ذي الحافر بمنزلة البازل من الإبل. القاموس (القرح) ١ / ٢٤٢
(٤) في الأصل والمطبوع : يريدون.
(٥) في المطبوع : يركب.
(٦) وهو الفتيّ من الإبل. الصحاح (بكر) ٢ / ٥٩٥