فلو لم يعرف أن حرف الروى هو النون لربما توهم أن العجز فيما فيه اختلفوا ، أو اختلفوا فيه ، فالإرصاد فى الفقرة (نحو : (وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)(١) ، و) فى البيت (نحو قوله :
______________________________________________________
أى : باعتبار صورته ومادته لا باعتبار مجرد مادته ، وإلا فقوله اختلفوا يدل على مادة الاختلاف (قوله : فلو لم يعرف) أى : فلو فرض أنه لم يعرف من الآية التى قبلها أن حرف الروى هو النون لربما توهم إلخ ـ ظاهره أنه لو عرف أن الروى حرف النون لفهم أن العجز يختلفون ـ وليس كذلك ـ لجواز أن يفهم أنه مختلفون ، فالأولى أن يقول : فلو لم يعرف حرف الروى من حيث إنه روى لتلك القافية ، إذ لا بد من العلم بصيغة القافية أيضا ، ومثل هذه الآية قول الشاعر :
أحلّت دمى من غير جرم وحرّمت |
|
بلا سبب يوم اللّقاء كلامى (٢) |
فليس الذى حللته بمحلّل |
|
وليس الّذى حرّمته بحرام |
فحرمته إرصاد يدل على أن العجز حرام إذا عرف أن الروى الميم ، وأن القافية على وزن فعال كسلام وكلام ، فلو لم يعرف أن القافية مثل سلام وكلام لربما توهم أن العجز بمحرم.
(قوله : (وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)) أى : فيظلمهم إرصاد ؛ لأنه يدل على أن مادة العجز من مادة الظلم ، إذ لا معنى لقولنا مثلا : وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم ينفعون أو يمنعون من الهلاك أو نحو ذلك ، ويعين كون المادة من الظلم مختومة بنون بعد واو معرفة الروى الكائن فيما قبل الآية وهو قوله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٣) (قوله : نحو قوله) أى : قول الشاعر وهو عمرو بن معد يكرب (٤)
__________________
(١) العنكبوت : ٤٠.
(٢) الإيضاح ص ٣٠٨ ، التبيان للطّيبى ج ٢ ص ٤٣٧ ، وينسب للبحترى.
(٣) النحل : ٣٢.
(٤) البيت لعمرو بن معد يكرب ، فى الإيضاح ٣٤٧ ، شرح عقود الجمان ٢ / ٧٨ ، التلخيص ص ٨٨.