واعلم أنه يجوز فى تشابه المعنيين اختلاف البيتين : تشبيبا ومديحا وهجاء وافتخارا ونحو ذلك فإن الشاعر الحاذق إذا قصد إلى المعنى المختلس لينظمه احتال فى إخفائه فغيره عن لفظه ونوعه ووزنه وقافيته وإلى هذا أشار بقوله.
[ومنه : النقل] :
(ومنه) أى من غير الظاهر (أن ينقل المعنى إلى محل آخر كقول البحترى : سلبوا) أى ثيابهم ...
______________________________________________________
أى : رمح (وقوله : خضاب) أى : صنع الحناء ، والبيت الأول أى : بيت جرير هو المأخوذ منه بيت أبى الطيب هو الثانى المأخوذ ، والبيتان متشابهان فى المعنى من جهة إفادة كل منهما ، أن الرجال لهم من الضعف مثل ما للنساء ، إلا أن الأول أفاد التساوى والثانى أتى بأداة التشبيه والأول عبر عن النساء بذوات الخمار وعن الرجال بذوى العمامة ، والثانى عبر عن النساء بذوات الخضاب وعن الرجال بذوى القناة فى أكفّهم ، والأول أيضا جعل ذلك التساوى علّة لعدم منعهم تناول الحوائج منهم بخلاف الثانى (قوله : واعلم إلخ) هذا دخول على كلام المصنف الآتى (قوله : اختلاف البيتين إلخ) فيجوز أن يكون أحد البيتين تغزلا والآخر مديحا أو هجاء أو افتخارا أو رثاء (قوله : تشبيبا) التشبيب ذكر أوصاف المرأة بالجمال وفى بعض النسخ نسيبا يقال نسب ينسب بكسر سين المضارع إذا تشبب بامرأة أى : تغزل بها ووصفها بالجمال ، والمراد هنا من الأمرين ذكر أوصاف المحبوب مطلقا ذكرا أو أنثى (قوله : ونحو ذلك) أى : ويجوز اختلافهما بنحو ذلك كالاختلاف فى الوزن أو القافية (قوله : المختلس) أى الذى اختلسه وأخذه من كلام غيره (قوله : فغيره عن لفظه ونوعه) أى فغير لفظه وصرفه عن نوعه كالمدح أو الذم أو الافتخار أو الرثاء أو الغزل.
(قوله : وإلى هذا أشار بقوله) أى : وإلى هذا القسم وهو نقل المعنى من نوع من هذه الأنواع لنوع آخر أشار إلخ ، ووجه الإشارة أنه ذكر أنه ينقل المعنى إلى محل آخر وهذا صادق بأن ينقله من التشبيب إلى أحد المذكورات.
[ومنه : النقل] :
(قوله : أن ينقل المعنى إلى محل آخر) بأن يكون المعنى وصفا وينقل من موصوف