وهذه النساء نواضر ، والمثالان مما يكون أكثر ما فى إحدى القرينتين مثل ما يقابله من الأخرى ، لعدم تماثل آتيناهما وهديناهما وزنا ، وكذا هاتا وتلك.
ومثال الجميع قول أبى تمام :
فأحجم لمّا لم يجد فيك مطمعا |
|
وأقدم لمّا لم يجد عنك مهربا (١) |
______________________________________________________
(قوله : وهذه النساء نواضر) أى : لا ذبول فيها ، وحاصله أن الشاعر يقول : إن هؤلاء النساء كمها الوحش وزدن بالأنس وكالقنا وزدن بالنضارة والنعومة (قوله : لعدم تماثل آتيناهما إلخ) فيه مسامحة لأن التخالف بين الفعلين فقط ، وأما الضميران فلا تخالف فيهما (قوله : وكذا هاتا وتلك إلخ) حاصله أن مها من المصراع الأول موازن لقنا من المصراع الثانى وأوانس من الأول موازن لذاوبل من الثانى وإلا أن فيهما متفق ، وأما هاتا فى الأول وتلك فى الثانى فهما غير متوازنين ، وحينئذ فهذا المثال من الشعر لما تساوى فيه الجل (قوله : ومثال الجميع) أى : ومثال ما تساوى فيه جميع ما فى إحدى القرينتين لجميع ما فى الأخرى (قوله : قول أبى تمام) أى : فى مدح الفتح بن خاقان ويذكر مبارزته للأسد فالضمير فى أحجم وأقدم للأسد ، والمعنى أن هذا الأسد لما لم يجد طمعا فى تناولك لقوتك عليه أحم وتباعد عنك ، ولما عرف أنه لا ينجو منك أقدم دهشا فإقدامه تسليم منه لنفسه لعلمه بعدم النجاة لا للشجاعة ، فأقدم فى المصراع الثانى موازن لأحجم فى المصراع الأول ، ولما لم يجد فى الثانى موازن لنظيرتها فى المصراع الأول وعنك موازن لفيك ومهربا موازن لمطمعا وليس فى البيت موافقة فى التقفية ، قال فى الأطول : والتمثيل بهذا البيت للموافقة فى الجميع فيه نظر ، لأن لما لم يجد المكرر فى البيت لا يقال فيه تماثل ، بل هو عينه ، وحينئذ فتكون المماثلة فى البيت باعتبار الأكثر هذا ، وما ذكره الشارح هنا من نسبة هذا البيت لأبى تمام هو الصواب خلافا لما فى المطول من نسبته للبحترى ـ قاله شيخنا.
__________________
(١) البيت لأبى تمام.