[الهزل يراد به الجدّ] :
(ومنه) أى ومن المعنوى (الهزل الذى يراد به الجد كقوله
إذا ما تميمىّ أتاك مفاخرا |
|
فقل عدّ عن ذا كيف أكلك للضّبّ) |
[تجاهل العارف] :
(ومنه) أى ومن البديع المعنوى (تجاهل العارف وهو كما سماه السكاكى سوق المعلوم ...
______________________________________________________
[الهزل يراد به الجد] :
قوله : الهزل الذى يراد به الجد) أى : وهو أن يذكر الشىء على سبيل اللعب والمباسطة ، ويقصد به أمر صحيح فى الحقيقة ، والفرق بينه وبين التهكم أن التهكم ظاهره جد وباطنه هزل وهذا بعكسه ، وهو واقع فى كلامهم كثيرا ، كقول الإمام مالك لبعض تلامذته حين سأله : أتعرف بيت قدامة؟ وكان ذلك البيت يلعب فيه بالحمام ومنه قول ابن نباتة :
سلبت محاسنك الغزال صفاته |
|
حتى تحيّر كلّ ظبى فيكا |
لك جيده ولحاظه ونفاره |
|
وكذا نظير قرونه لأبيكا |
والجد بكسر الجيم ضد الهزل الذى هو اللهو واللعب (قوله : كقوله) أى الشاعر وهو أبو نواس (قوله : إذا ما تميمىّ إلخ) (١) أى : فقولك للتميمى وقت مفاخرته بحضورك لا تفتخر ، وقل لى كيف أكلك للضب هزل ظاهر لكنك تريد به الجد ، وهو ذم التميمى بأكله الضب وأنه لا مفاخرة مع ارتكابه أكل الضب الذى يعافه أشراف الناس ، وعلم من هذا أن الهزلية باعتبار استعمال الكلام ، والجدية باعتبار ما قصد منه فى الحالة الراهنة (قوله : عد عن ذا) أى جاوز هذا الافتخار بتركه وحدثنا عن أكلك الضب تأكله على أى حالة فعد أمر من عدى بمعنى يجاوز.
[تجاهل العارف] :
قوله : وهو كما سماه إلخ) كان الظاهر أن يقول : وهو ما سماه السكاكى إلخ ، إلا أنه اعتبر المغايرة من حيث إنه يسمى بتجاهل العارف ، ومن حيث إنه يسمى بالسوق ،
__________________
(١) لأبى نواس فى الإيضاح ص ٥٣٠.