الصرّة في العهد العثماني
إنّ الأموال التي كانت ترسل من استانبول الى مكة المكرمة ، والمدينة المنورة سنويا تسمى «الصّرّة» وكانت ترسل في رجب من كل عام ثم أصبحت ترسل في شعبان اعتبارا من أواخر القرن التاسع عشر ، وكان توزيعها يتم من قبل موظف حكومي يسمى أمين الصّرّة. حتى سنة ١١٢٦ ه ـ ١٧١٤ م ، كانت الصرة ترسل من مصر ، وبعد هذا التاريخ صدر أمر بارسالها من خزينة الحرمين في بلاط السلطان ، وكانت هذه الأموال المرسلة الى مكة والمدينة توزع على أشخاص معينيين ، وفقا لدفاتر خاصة ، وكانت هذه الحصص المحددة في الدفاتر تذكر في الرسائل السلطانية باسم (معلوم) أو (معلومية) أو (معلم).
وكان الشخص الذي يعين بوظيفة أمين الصرة يلبس الخلعة في حضور الصدر الأعظم (الوزير الأعظم) ثم يرسل مع مسؤول مراسلات ... (١) كان أمين الصرة يبقى مدة من الزمن ، وبعد أن يكمل احتياجاته يتحرك باذن السلطان ، وكانت الدولة ترسل أوامر إلى كل الوزراء (الباشوات) ... وقادة الإنشكارية وغيرهم من ذوي العلاقة في الولايات التي يمر بها الموكب من استانبول الى الشام ، تطلب منهم تأمين سلامة الصرة والحجاج والمحمل الذاهبين معها ... وكانت تتحرك مع مدافعها ، وكان أمير مكة المكرمة يستقبل القافلة في مداين صالح أو المدينة المنورة ، أو في محل ما على الطريق ، ويأتي معها إلى مكة المكرمة.
كانت قافلة الحج تتبع في ذهابها من الشام وإرسالها تنظيما معينا ، وكانت تتحرك مع مدافعها ، ولم يكن هناك مجال لحدوث أي اضطراب ، وذلك بسبب تثبيت أفراد القافلة ومن يستقبلها.
كان أمين الصرّة يسلم الكتاب السلطاني المكتوب بالعربية الذي جلبه إلى أمير مكة وفق مراسم معينة ، ويقوم أمير مكة المكرمة بتقبيل الكتاب السلطاني ، ووضعه على رأسه ، ويقوم فيما بعد بقراءة الكتاب السلطاني علنا في منى الواقعة على مسافة أربع ساعات من
__________________
(١) انظر معلومات مفصلة عن مراسم استلام الصرة في استانبول حتى وصولها الى الحجاز بشكل مفصل في أمراء مكة المكرمة في العهد العثماني ص ٥١ وما بعدها ص ٦٢ انظر أيضا الخلعة التي كانت ترسل لأمير مكة في فصل مستقل ص ٦٢ وما بعدها.