ورد أنه أنفذ من قبل العزيز الفاطمي في سنة ٣٦٣ ه ، وفي رواية أخرى سنة ٣٦٦ ه ـ ٣٦٧ ه وهي الأرجح ـ إلى الحجاز ، فاستولى على الحرمين ، وأقام الخطبة للعزيز بمكة ، وفيها بطل ركب العراق إلى الحج (١)
ولا أعتقد ذلك لأن ولادته حسبما ذكر المقريزي كانت سنة ٣٧٤ ه فكيف يقود جيشا فيما بعد وهو لم يولد بعد!!
كان يتولى مملكة أفريقية نيابة عن الحاكم العبيدي ، المدعي الخلافة بمصر ، ولقّبه الحاكم نصير الدولة ، وكانت ولايته بعد أبيه منصور ، وتوفي يوم الخميس ٣ ربيع الأول سنة ٣٨٦ ه ، بقصره الكبير خارج مدينة صيرة (٢) ، ودفن فيه ثاني يوم.
كان باديس ملكا كبيرا ، حازم الرأي ، شديد البأس ، إذا هزّ رمحا كسره ، ولم يزل على ولايته وأموره جارية السداد ...
وسبب موته أنه قصد طرابلس ، ولم يزل على قرب منها ، عازما على قتالها ، وحلف أن لا يرحل عنها حتى يعيدها ، فدنا للزراعة ، لسبب اقتضى ذلك ، فاجتمع أهل البلد عند ذلك إلى المؤدب محرز ، وقالوا :
يا ولي الله ، قد بلغك ما قاله باديس ، فادع الله أن يزيل عنا بأسه ، فرفع يديه إلى السماء وقال : يا رب باديس اكفنا باديس فهلك في ليلته ... (٣)
وصنهاجة هي قبيلة حمير المشهورة ، وهي بالمغرب ، التي ينتسب إليها باديس المذكور.
وعلى هذا فإن ولاية المذكور للحرمين كانت ولاية مؤقتة لا تعدو موسم الحج ، ويرجح ذلك ما ورد في حسن الصفا والابتهاج بأنه كان أمير الحج في سنة ٣٦٧ ه (٤)
ومن المرجح أنه في تلك السنة حسم أمر تبعية مكة للفاطميين بينما سبقتها المدينة بالولاء منذ ولاية مسلم بن عبيد الله بن طاهر.
__________________
(١) نفس المصادر السابقة والصفحات
(٢) صيرة : احدى مدن المغرب العربي القديمة
(٣) وفيات الاعيان ج ١ ص ٢٦٥
(٤) حسن الصفا ص ١١٠