المتهتّك بين الأخيار ، والرّافع لوهمة الخجل ، والمكاشف الأستار الهمّام الطّيّار ، الشيخ يوسف الظّاهري ، ذو الكرم والسّماح والجذب والصلاح ، يتألف به الخلائق ، ويجتمع عليه أهل المذاهب والطّرائق ، لا يكلف أحدا ، ولا يأخذ منه ، ولو جاءه من جاءه قام في خدمته ولا يتأخر عنه ، فهو محبوب العلماء ، وشيخ الفقراء ، رأيته بمنام كنت فيه كاليقظان ، وهو طائر بين يدي عرش الرحمن.
ومنهم صاحب المحبّة والعرفان ، الشيخ محمد بن فتيان كان تاجرا ، وكان من السّادات الأخيار المتّقين الأبرار ، صاحب سكينة ووقار ، وبهجة وأنوار ، ووجه كالقمر ليلة التّمام ، وكلامه من ألطف الكلام ، كثير التهجّد والقيام ، والتّلاوة والصيام ، يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويتحمل الأذى والضّرر ، وكمل له ما حازه من شريف الخصال ، بأنّه مات موت الرّجال ، وهو جالس بين إخوانه ، مقبل على شأنه يوحّد الله ويثني عليه ، ويحنّ إلى لقائه ويتشوّق إليه حتّى مات ، وهو جالس يتشهّد ، ولم يتغيّر حاله ، ولم يتمدد ، وكانت له الحيازة المشهورة ، والفضائل المأثورة.
ومنهم ذو المناقب والمفاخر ، والمراتب والمآثر الشيخ محمد المصري التّاجر الكفركناوي ، كان عظيم الشّأن ، كثير الشّفقة والإحسان والمحبّة والعرفان ، جمع الخصال المحمودة ، والصّفات المقصودة ، من التّقوى والعلم والنّزاهة ، والحلم والزّهد ، والورع والعبادة ، والسّخاء وسلامة الصّدر ، وصدق اللسان والتّواضع ، والخشوع ورقة القلب والفتوّة والمروءة والعفاف ، والإنصاف وخدمة الفقراء ، والخضوع لهم كل ذلك مع الشبيبة وصغر السّن ، قال بعض الأكابر : كان ابن المصري كالكوكب الدّري ، وكالمصباح في الظّلمة ، وكالشجرة الخضراء في الهشيم ، يلازم أفعال الخير ، من الصلاة ، والصيام ، والزكاة ، والحج ، والبر ، والصّلة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والذّكر والتّلاوة ، قال لي من أثق به : لا يعلم ببلادنا في هذا الزمان خيرا منه ، وكان له تهجّد كثير ، فربّما