فعمل الشيخ نجم الدين وهو شاب كلّ شهر مائة درهم ، ثمّ زيدت له قليلا حتّى صارت خمسمائة درهم ، وتخرّج به جماعة في ذلك الفن منهم : زين الدين بن حلاوات كان تاجرا ، فلزمه وانتفع ، ومهر في كتابه الأشياء ، ونظم ونثر ، فلمّا توجّه الشيخ نجم الدين إلى دمشق ، استقرّ ابن حلاوات في الوظيفة ، ثمّ عاد الشيخ نجم الدين مباشرا مع الخطابة ، ثمّ اشتركا في التوقيع والخطابة ، ثمّ انفرد الشيخ نجم الدين مباشرا مع الخطابة بسؤاله ، واستمرّ زين الدين بن حلاوات في كتابة السرّ بمفرده ، ثمّ بعده بهاء الدين بن غانم ، وكان فاضلا كبيرا ، ثمّ شمس الدين ابن منصور موقع غزّة ، ثمّ جمال الدين بن رزق الله وكان كبير القدر ، جميل الذّكر كثير الأريحيّة ، عظيم العصبية ، ما قصده أحد إلّا قام معه.
رأيته بمنامي بعد وفاته ، وهو يكتب ورقة لفقير فقلت له : لم تكتب؟ فقال : والله ما نفعني إلّا كتابة هذه الأوراق ، ثمّ رأيت رجلا من أعز أصحابي من أهل القرآن ، فأخبرني عن القاضي جمال الدين بن رزق الله أنّه من أهل الجنّة.
ثمّ ولده القاضي بدر الدين بن رزق الله العمري ، الرئيس المشهور ، والجواد المذكور ، ولم يباشر هذه الوظيفة أحد كمباشرته ، وكان له حرمة كحرمته ، النوّاب يكرمونه ، والمصريون والشّاميون يعظّمونه ، فأقام فيها زمانا طويلا حتى عرفها جملة وتفصيلا ، وله صدقات وهبات ومكارم وصلات.
ثمّ شمس الدين قاضي شهبة ، فريد وقته ، وعلامة زمانه ، ثمّ عاد القاضي بدر الدين بن رزق الله ، واستمرّ إلى آخر المدة.
وأول نظّار بيت المال :
جمال الدين بن الكريدي ، ثمّ عماد الدين ابن النويري ، ثمّ جمال الدين ابن ريّان ، ثمّ كريم الدين الصغير ، ثمّ شمس الدين بن سكرة ابن عم