غريبة ، منها أنّه ورد على الشيخ علي للزيارة ، وكان زرع مقثاة ، ولم تحمل بعد شيئا ، فقام إليه ليلا ، وقال : يا شيخ علي قم إلى المقثاه والقط منها ملء هذه القفة ، واطلع بها إلى المدينة ، فبعها بدرهمين وربع ، واشتري بهما لبنا وخبزا ، فقام إلى المقثاه ، فوجدها قد بدأ صلاحها ، وظهر ثمرها ، ففعل ما أمره به ، فكان كما قال ، وجاء في غيبة الشيخ علي شاب جاهل ليأخذ من المقثاة ، فنهاه الشيخ منصور ، فلم ينته ، فعيّط عليه الشيخ ، فجذب الشاب سيفا كان معه ، وشال يده على الشيخ منصور ، فوقفت يده في الهواء ، وبقي عبرة حتّى اجتمع الخلق وتضرّعوا إلى الشيخ منصور أن يستره ويطلقه ، ففعل ، ولمّا جاء الشيخ علي قال له الشيخ منصور : قد عزمت على السّفر ، ولكن أريد قطين من عند امرأتك ، فاطلب منها ، وهي ما تعطيك ولا تعطيك شيئا ، وتروح إلى بيت أخيها فيموت أخيها في الحال وما يدفن إلى يومين فإنّه قليل الصّلاة ، فكان كما قال.
ومن الفقراء الأكابر بصفد الشيخ ربيعة صاحب القبّة ، وهي من المزارات المشهورة بقرية ابنيت ، كان كبير القدر صمادي موله ، بزعم الفقراء ، بل استفاض ذلك ، أنّه كانت له فرس قصبه تأكل الشّعير ، وكان له سنجق عظيم ، فيه آثار كثيرة من الصالحين ، يزعم أصحابه ما لبسه أحد إلّا وعلت درجته فيما يناسبه ، وقد جرّب ذلك بحضوري.
ومنهم الشيخ زكريا ، أحد الأولياء ، وقبره شمالي بركة الدّجاج ، الدعاء عنده مستجاب ، أخبرني بذلك بعض الصالحين بدمشق.
ومنهم المتهجّد القانت ، الشيخ الصّامت من بقية السّلف الصالح ، وقدوة الخلف ، المعروف بالكرامات ، والموصوف بالمكاشفات ، وزاويته بصفد معروفة ، وتربته فيها للزّيارة مألوفة ، وولده الشيخ زين الدين من سادات المسلمين ، وعباد الله الصالحين ، كثير المروءة ، عظيم الفتوّة دأبه مكارم الأخلاق ، والمساعدة على صلة الأرزاق ، أبقاه الله للمسلمين خير مساعد ومعين ، آمين ، آمين.