فأما ابن أحلى : فهو على ما وجدت بخط أبى حيان ، نقلا عن الأستاذ أبى جعفر بن الزبير : أبو عبد الله محمد بن علىّ بن أحلى اللورقى ، كان لزم بمرسية ابن المرأة ، وهو أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن محمد بن دهاق الأوسى المالقى ، شارح «الإرشاد لإمام الحرمين» ونقل عنه مذهب ابتداع لم يسبق إليه.
فمن ذلك قولهم بتحليل الخمر ، وتحليل نكاح أكثر من أربع ، وأن المكلف إذا بلغ درجة العلماء عندهم ، سقطت عنه التكاليف الشرعية ، من الصلاة والصيام وغير ذلك. انتهى.
وقد استبان بهذا شىء من حال ابن أحلى ، وابن المرأة ؛ لأنه أخذ عنه. وزاد ابن المرأة ، بأنه كان ـ على ما ذكر أبو جعفر بن الزبير ـ صاحب حيل وتواريخ مستطرفة ، يلهى بها أصحابه ويؤنسهم ، وكان يستطيع أشياء غريبة من الخواص وغيرها ، وبذلك فتن الجهلة. انتهى.
قلت : ووقع لابن سبعين أشياء ، منها على ما بلغنى : أنه خرج بأبى نمى صاحب مكة فى بعض الليالى ، إلى بعض الأودية ظاهر مكة ، فأراه خيلا ورجلا ملأت الوادى ، فهال ذلك أبا نمى ، وعظم ابن سبعين فى عينه.
ومنها على ما بلغنى : أنه كان يأخذ الورق ويقصه على صفة الدراهم المسعودية ، ويشترى بها حوائجه وتمشى على الباعة.
وبلغنى أنه اشترى بشىء من ذلك ، شاة من بعض الأعراب ، وهو متوجه فى جماعة من أصحابه إلى جبل حراء ، فذهب البائع ليقضى بذلك بعض ضروراته ، فوجده ورقا ، فعاد إليه مطالبا بالثمن ، فأشار له الحاضرون إلى أن ابن سبعين هو الذى اشترى منه ، وأمروه بمطالبته وإيقاظه ، وكان مستلقيا نائما على قفاه ، فجذب البائع بعض أعضائه ، فخرج العضو وصار فى يد البائع ، فاستهال مما رأى وهرب ، وذهب بخفى حنين.
وذكر الذهبى ، ابن سبعين فى تاريخ الإسلام له ، فقال : كان صوفيا على قاعدة زهاد الفلاسفة وتصوفهم ، وله كلام فى العرفان على طريق الاتحاد والزندقة ، نسأل الله السلامة فى الدين. وقد ذكرنا محط هؤلاء الجنس ، فى ترجمة ابن الفارض وابن العربى وغيرهما. فيا حسرة على العباد ، كيف لا يغضبون لله تعالى ، ولا يقومون فى الذبّ عن معبودهم ، تبارك اسمه وتقدست ذاته ، عن أن يمتزج بخلقه أو يحل فيهم ، وتعالى الله عن أن يكون هو عين السموات والأرض وما بينهما ، فإن هذا الكلام شر من مقالة من قال