__________________
وفي أثناء حصاره تساقطت مدن مملكته في أيدي المرابطين واحدة بعد أخرى ؛ فسقطت قرطبة ، وقتل فيها «الفتح بن المعتمد» مدافعا عنها ، ثم سقطت رندة ، وقتل ولده «يزيد الراضي بالله» بعد أسره ، وظل المعتمد يدافع عن حاضرته حتى اقتحم المرابطون إشبيلية عنوة ، فخرج يقاتلهم عند باب قصره غير وجل ولا هيّاب ، ولكن ذلك لم يدفع عنه شيئا ، ووقع أسيرا واستولى المرابطون على إشبيلية في (٢٢ من رجب ٤٨٤ ه ـ ٧ من سبتمبر ١٠٩١ م).
أمر قائد المرابطين بحمل المعتمد بن عباد وآل بيته إلى منفاهم بالمغرب ، وسارت بهم السفينة من إشبيلية في نهر الوادي الكبير في طريقها إلى المغرب ، وخرج الناس لتوديعهم محتشدين على ضفتي النهر ، وقد ملأ الدمع أعينهم ، وذابت قلوبهم حسرة وألما على ملكهم الذي أدبرت عنه الدنيا ؛ فخرج هو وأسرته على هذه الصورة المخزية بعد الجاه والسلطان ، وقد سجل الشاعر الأندلسي الكبير ابن اللبانة هذا المشهد الحزين بقصيدة مبكية جاء فيها :
حان الوداع فضجّت كل صارخة
وصارخ من مفداة ومن فادي
سارت سفائنهم والنوح يتبعها
كأنها إبل يحدو بها الحادي
كم سال في الماء من دمع وكم حملت
تلك القطائع من قطعات أكباد
وبعد أن وصلت السفينة إلى المغرب أقام المعتمد وأسرته أياما في طنجة ، ثم أخذوا بعد ذلك إلى مكناسة ، وقضوا هناك أشهرا قبل أن يرحلوا إلى منفاهم إلى أغمات ،