مجهودك إلى مكانك. قال : فبكى جايد وندم وسار حتى دخل مصر وجعل يحدث الناس بما رأى في مسيره من العجائب.
بحيرة تنيس (٣٦٣) : قيل إنها كانت جنات عظيمة وبساتين ، وكانت مقسومة بين ملكين أخوين من ولد إتريب بن مصر. وكان أحدهما مؤمنا والآخر كافرا ، فأنفق المؤمن ماله في وجوه البر والخير حتى إنه باع حصته في الجنات والبساتين إلى أخيه الكافر ، فزاد فيها ألفا من الجنات والبساتين وأجرى خلالها أنهارا عذبة ، فاحتاج
__________________
(٣٦٣) تنيس : مدينة قديمة من مدن مصر كانت من الناحية الشرقية تتاخم ضاحية بيلوز (الفرما) وهي الآن جزيرة صغيرة وسط بحيرة المنزلة التي كانت تدعى بحيرة تنيس وأول من دعاها باسم بحيرة المنزلة خليل الظاهري كما جاء في كتاب على ضفاف بحيرات مصر جزء أول ويقول المسعودي في كتاب (مروج الذهب) انه قبل القرن الثالث الميلادي لم تكن توجد بهذه المنطقة بحيرات ولكنها كانت أرضا زراعية لم يكن بمصر مثلها استواء وطيب تربة وكان بها الجنات والنخيل والكروم والشجر والزرع ، وكان الماء منحدرا إليها لا ينقطع عنها صيفا أو شتاء وسائره يصب في البحر من جميع خلجانه أو من الموقع المعروف بالأشتوم ولم يرى الناس أحسن من جناتها وكرومها. وفي القرن السادس الميلادي على أثر زلزال طغى البحر على هذه الأراضي وبقيت تنيس وبعض الجزر العالية قد جاء في كتاب فتح العرب لمصر عن اسم تنيس بأن (كاتريد) يقول بأن اسم هذه المدينة مشتق من اللفظ اليوناني (نيسوس) وقد أضيف في أوله علامة التعريف القبطية للمؤنث فإذا صح ذلك كان لا بد من أن تلك البلاد غمرت بالمياه منذ زمن بعيد قبل القرن السادس وذلك لأن اللفظ اليوناني (نيسوس) معناه جزيرة وبعلامة التعريف القبطية للمؤنث (تي) يصبح الاسم الجزيرة ويرجح المؤلف هذه بقوله" بأن (كاسيان) وكان في مصر سنة (٣٩٠ ـ ٣٩٧ م) يقول على وجه اليقين أن تنيس يحيط بها من جميع جهاتها بحر أو بحيرات ملحة حتى أن أهلها كانوا يعتمدون كل الاعتماد على البحر في الانتقال من مكان إلى مكان ، وكانوا يأتون بالطين في السفن إذا أرادوا أن يوسعوا أرضا ليبنوا عليها بناء لقد كانت تنيس موضع إعجاب المؤرخين ومحل حديثهم فرووا عنها المعجب والمترف وقد قال المسعودي أيضا في كتاب (أخبار الزمان) أن تنيس" كانت مدينة عظيمة لها مائة باب وفيها آثار كثيرة للأوائل كان أهلها مياسير أصحاب ثراء وأكثرهم حاكة وبها تحاك الثياب التي لا يصنع مثلها في الدنيا .. وكان مما يصنع في هذه المدينة نوع من النسيج اسمه (بوقلتون) من الحرير المتغير اللون الزاهي اللحمة حتى قيل انه كان يبدو في ألوان مختلفة في كل ساعة من ساعات النهار".