وكان المستنصر العبيدى صاحب مصر ، أرسل رسولين فى سنة ست وستين وأربعمائة إلى ابن أبى هاشم أمير مكة ـ هذا ـ : ففتحا عليه خطبته للخليفة العباسى ، والسلطان ألب أرسلان ، وبذلا له مالا على قطع الخطبة لهما.
فلم يلتفت إليهما ، وأقصاهما ؛ لأنه كان وصل له ولأصحابه صحبة السلار من المال ما ملأ عينه وقلبه.
وأخذ السلار من الحاج الذين اتبعوه دنانير فدفعها إليه وإلى العبيد ، فلما لم يصل فى سنة سبع وستين من جهة الخليفة العباسى ما كان يصل لأمير مكة قطع خطبة المهتدى العباسى. وصادف مع ذلك : أن المستنصر أرسل إليه بهدايا وتحف ليخطب له ، وقال له : إنما كانت أيمانك وعهودك للقائم وللسلطان ألب أرسلان ، وقد ماتا. فخطب للمستنصر ، ثم قطع خطبته فى سنة ثمان وستين.
وخطب للمهتدى عبد الله بن محمد الذخيرة بن القائم الخليفة العباسى. وصار يخطب تارة لبنى العباس ، وتارة لبنى عبيد.
وما ذكره من خبر ابن أبى هاشم ورسولى المستنصر وما وصل إليه مع السلار ، وما جمع له السلار : ذكر صاحب المرآة ما يوافقه. وما ذكرناه من خطبة ابن أبى هاشم فى سنة سبع وستين للمستنصر ، وقطع خطبته فى سنة ثمان وستين ؛ ذكر ابن الأثير ما يوافقه.
وذكر : أن قطع خطبته فى سنة ثمان وستين كان فى ذى الحجة منها ، وقال ـ لما ذكر خطبة ابن أبى هاشم للمستنصر فى سنة سبع وستين ، وقطع خطبة المهتدى : وكانت مدة الخطابة العباسية بمكة أربعا وستين وخمسة أشهر ـ يعنى من حين إعادتها إلى حين قطعها فى سنة سبع وستين.
وذكر ما يوافق ما ذكرناه من إهداء المستنصر لابن أبى هاشم فى هذه السنة. ثم هرب ابن أبى هاشم من مكة فى سنة أربع وثمانين وأربعمائة إلى بغداد ، لما استولى عليها التركمان الذين أرسلهم السلطان ملك شاه بن ألب أرسلان السلجوقى للاستيلاء على الحجاز واليمن ، وإقامة الدعوة له هناك.
وكان توجههم إلى اليمن فى سنة خمس وثمانين ، وملكوا عدن واستولوا على كثير من البلاد وعاثوا فيها ، وأساءوا السيرة.