وحدث بأشياء كثيرة من مسموعاته سمعت منه ، وكتب بخطه كثيرا لنفسه ولغيره.
وأدّب الأطفال مدة طويلة بالمسجد الحرام ، ثم ترك وانقطع بالمسجد الحرام يقرئ ويدرس طرفي النهار ، باذلا نفسه لطلبة العلم من صغير أو كبير. ثم انقطع بمنزله لعجزه عن الحركة لا يخرج منه إلا لصلاة الجمعة ، أو لبعض الصلوات إذا وجد نشاطا ، أو لضرورة لا بد منها ، ثم صار لا يخرج إلا في بعض الجمع للعجز ، ثم عجز آخر أمره وانقطع بداره إلى أن مات.
وقرر صوفيا بالخانقاه الباسطية بمكة من أول ما أنشئت سنة خمس وثلاثين ، ثم ناب في مشيختها عن شيخ السدنة عمر بن أبي راجح الشيي مدة ، ثم ولي مشيختها بعد أن عزل الشيخ عمر نفسه في سنة أربع وخمسين وثمانمائة ، ثم عزل عن ذلك في أثناء سنة ستين وثمانمائة بالشيخ شمس الدين البخاري إمام الحنفية بمكة ، وناب في الإمامة بمقام الخليل.
وكان خيرا ، دينا ، ساكنا ، مباركا ، متواضعا ، منجمعا عن الناس ، لا يعرف شيئا مما هم فيه ، وهم مجمعون على محبته ، ملازما للعبادة والإقراء.
مات في صبح يوم الأربعاء رابع عشر (١) ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثمانمائة بمكة (٢) ، وصلي عليه عصر يومه عند باب الكعبة ودفن بالمعلاة بقبر سيدي الشيخ علي بن أبي بكر الزيلعي بوصية منه رحمهالله وإيانا.
أنبأنا المقرئ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن علي الشوائطي ، قال : أنا الإمام المقرئ أبو القاسم قاسم بن علي بن محمد التنملي ، سماعا قال : أنا الإمام أبو القاسم سلمون بن علي بن عبد الله ، إذنا. ح وأخبرنا به عاليا بدرجة الإمام نور الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن سلامة السلمي ، سماعا
__________________
(١) في إتحاف الورى : رابع عشري.
(٢) إتحاف الورى ٤ : ٤٠٠.