فهناك تستحلي البصيرة إن صفت |
|
اصل الجمال بدا بأعظم مظهر |
فترى العوالم كله بجمالها |
|
وجلالها حضرت بأقدس محضر |
أصل الوجود ومنبع الجود الذي |
|
عمّ المظاهر في جميع الأعصر |
نور الإله به استنار عباده |
|
دنيا واخرى ذي المحيّا الأزهر |
محمود كل الخلق أحمد حامد |
|
ومحمد بمقام حمد أشهر |
صلى عليه الله خير صلاته |
|
والآل والأصحاب أكرم معشر |
لما تجاوزنا جبل مفرح بمسيفة قطعناها دون مين ، وصلنا إلى منتهى أبعد الحرمين ، وهو حرم الشجر الذي هو بريد في بريد ، وحده طرف البيداء التي بها الهموم تبيد ، وقطعناها بفرح وسرور ، ونشاط وحبور ، وجئنا قبيل الزوال ذا الحليفة قد نسي كل ألف من شدة السرور ألفه ، وهي البطحة المباركة المكينة ، وميقات ساداتنا أهل المدينة ، وبها المعرس الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتعريس فيه ، فنحن في ذلك نقتفيه ، واغتسل من أصحابنا من أراده هنالك وتوضأت وصلينا بمسجد ذي الحليف وبالمعرس أيضا انتهى.
انعطاف إلى ما كنا بصدده وهو أننا سرنا بالليل إلى طلوع الفجر فقربنا المدينة المشرفة ثم كذلك إلى الإشراق بل إلى الضحى دخلنا المدينة المشرفة ونزل الركب المغربي عند الباب الذي يذهب منه إلى جبل أحد وتخلف أكثر أصحابنا ومعهم ولدي محمد حتى ظننت أنه نام في بعض المواضع وخفت أن يأخذه اللصوص فكنت اسأل عنه فأخبرت أنه تخلف مع الأصحاب راكبا على فرس الشيخ سيدي محمد المسعود وهو راكب على بلغتي إذ هو مريض قد أشرفه المرض على الموت وأوصاني على أهله وأولاده بأن أكون لهم حافظا ومراعيا إلى أن يصلوا مدكال فبرئ والحمد لله ثم بعد وصول ولدنا.