عليها من الرحمان أزكى تحية |
|
تدوم دواما ما لأخره حد |
تكاد من الأشواق أرواحنا لها |
|
تطير ولم تجزع وأن نالها كد |
ولو لا الذي قد عافها من جسومنا |
|
لطارت ولكن الجسوم لها قيد |
وكنا نظن القرب يذهب بعض ما |
|
بها فإذا بالقرب زاد لها الوجد |
ولم لا وآن الوصل محكم ذكرها |
|
غدا ناسخا ما كان يقرأه البعد |
أناح لنا الرحمان فيها إقامة |
|
بخير إلى أن يحوي الجسد اللحد |
بجاه حبيب الله أفضل من به |
|
توسل من لم يغنه الجد والجد |
عليه الصلاة الله ما دام وصله |
|
يزيد له شوقي إذا ذكرت نجد |
ولم نزل كذلك بصواعق الشوق ترتعد الجوارح منها وتطش ، ولا تشاهد العين إلا مشاهدة الضمير فجناح العشق له ريش (١) ، والزوار في كل واد يهرعون ، وإلى الارتقاب في كل مرقب يسرعون ، ليشاهدوا بعض تلك القباب ، فتمتع العين قبل تتمع الجسم بالدخول من الباب ، وأول مكان ترى منه قبابها وأسوارها ، وتشاهد منه بالبصر والبصيرة أنوارها ، الجبل المسمى بمفرح ، إذ لا يبقى بعد الصعود إليه همّ مبرح ، فتسارع الناس عند الدنو منه لصعوده ، وتباشروا برؤية منزل الرسول وشهوده ، فلم يتخلف عن الصعود إليه ، إلا من لا قدرة له عليه.
قال شيخنا المذكور عن شيخه أبي سالم وفي ذلك قلت هذه الأبيات ، ذاكرا لبعض المعالم التي هي للقرب من أصدق الآيات :
يا صاحبي نلت المنى فاستبشر |
|
ودنوت من دار الرسول الأطهر |
__________________
(١) في الرحلتين العياشية والناصرية ولم نزل ذلك اليوم في أرغد عيش. وأن كان تباريح الشوق غير خال من الطيش ، فلا تسمع الأذان إلا ذكر الحبيبة مسكن الحبيب ، ولا تشاهد الأعين إلا مشاهد تمتّ إليها بنسب قريب.