أصلا ومن جملة خرافاتهم المتعلقة بتلك الليلة في ذلك أنهم يأخذون معهم نوى التمر فيدفنونه بالأرض في ذلك الجبل تلك الليلة ويزعمون أن من دفن شيئا حصل له في تلك السنة (١) بعدده ريالا أو دنانير وأغرب من ذلك ما حكى لي بعض أصحابنا تصديقا لزعمهم ذلك أن الشيخ علي بن الحمال الشافعي وكان من فقهاء مكة المعتبرين خرج مع بعض أهل مكة في بعض السنين إلى هذا المحل فلما رأى فعلهم ذلك أنكره ثم انه جمع شيئا من النوى حتى جمع نحو المائتين فدفنها ثم وجد سبعا أخرى ودفنها وهو في ذلك كالمتلاعب فلما كان وقت الموسم بينما هو جالس في المسجد الحرام إذ جاء شخص من أهل العراق يسأل عنه حتى وجده فناوله صرة كبيرة وقال له أن جماعة من طلبة الإحساء كانوا يقرءون هنا عندك قبل ذلك وقد جمعوا لك هذه الدار هم بقصد التبرك منك وقد سلموا عليك وهذه مائتا ريال قال فوقع في نفسي تصديق ما زعموا وأني كنت دفنت مائتي نواة ثم قلت وأين السبعة التي دفنتها بعد ذل فلم أرم مكاني حتى رجع إلى ذلك الشخص وقال لي يا سيدي وهذه سبعة أخرى قد تبعني بها شخص بعد ما فارقت الجماعة وقال لي أوصلها إلى الشيخ قال فتعجبت من ذلك ومن موافقته للحال والله اعلم.
ولأهل مكة في هذه الليلة أيضا عمل مولد كبير في مشهد العيدروسي رضي الله عنه عند الشبيكة يجتمع هناك جماعة من أولاده وإتباع السالكين على طريقه ويعملون هنالك سماعا وقراءة وتلاوة ويجتمع فيه خلق كثير وقد فرش المشهد كله وما حوله وأعدت للحاضرين أطعمة وأشربة ويستكثرون هنالك من المصابيح فهو من المشاهد المشهورة بمكة والمزارات المعظمة وبيتهم له صيت ومكانة عند الخاص والعام.
وأما المقابر فالحجون كله مزارات وأشهر المزارات فيه قبة أم المؤمنين السيدة
__________________
(١) في الرحلة الناصرية الليلة.