وللكعبة الشريفة استقبلنا ، فهللنا وكبرنا ، فوشينا الصحف بالدعوات المأثورة إلى أن قال وسعينا بين الميلين الأخضرين سعيا رفيقا سديدا (١) انتهى.
ثم اعلم أننا خيمنا بوادي سيدي أبي طالب والمسجد الحرام وذلك الوادي تحت أبي قبيس فذهبنا كما سبق إلى المسجد فدخلنا من الباب المذكور ، وقلنا الدعاء المأثور ، عند رؤية الكعبة حسبما ذكره شيخنا آنفا فلما دخلنا المسجد بالذكر الوارد فيه قصدنا المطاف لطواف القدوم فبدأنا بتقبيل الحجر مع الزحمة العظيمة من الرجال والنساء فاكتفى الكثير منا بالتكبير ومعي جماعة كثيرة تكاد أن لا تحصى أطوف بهم علمتهم كيفية الطواف ومن الحجر البدء إلى السبعة الأشواط وكان البدء من الحجر الأسود غير أن من قبله أمرته بالبدء من مكان يحاذيه ولا يتم الشوط إلا من ذلك المكان الذي به البدء وكذا أمر المقبل للحجر الأسود للرجوع إليه إذ ربما رجع منه مقهقرا فينقض له الشوط حسبما يفعله الجهال فطفت بهم طوافا كاملا بشروطه وانتفاء موانعه مع الدعاء الوارد فيه أعلمهم إياه ولما رأى أهل مكة فعلي ذلك تغيروا وقالوا ألم تعلم أن أهل مكة لا ينتظرون إلا هذا الموسم فقالوا طف لنفسك واترك الناس فقلت أنا أطوف بهم وأعلمهم وانتم خذوا الأجرة منهم فلما كملنا الأشواط السبعة صلينا ركعتين خلف المقام وبعد الفراغ منهما أقمنا بالملتزم لأن الدعاء به مستجاب بعد أن شربنا من ماء زمزم وسألنا الله فيه ما شاء الله ثم مشينا للحجر قمنا من قبله ومنا من كبر عنده لكثرة الزحمة فذهبنا للسعي في حر عظيم وأزدحام قوي فبدأنا بالصفا وصعدنا درجها إلى أن رأينا لكعبة كما هو السنة فدعونا الله بالدعاء الوارد فيها فمررنا كذلك إلى المروة ثم كذلك إلى تمام السبعة فلم نكمل السعي حتى اشتد علي الحال فظننت عدم التمام فكملته راجلا بمنة الله والفضل من السلام لأن محل
__________________
(١) في نسخة المأثورة وسعينا سعيا مشكورا.