تعلق غرض لهم بذلك وبعد مجيء الإسلام فقد علم من حال الصحابة وتابعيهم ضعف اعتنائهم بالتقييد بالأماكن التي لم يتعلق بها عمل شرعي لصرف اعتنائهم رضي الله عنهم لما هو أهم من حفظ الشريعة والذب عنها بالسنان واللسان وكان ذلك هو السبب في خفاء كثير من الآثار الواقعة في الإسلام ومن مساجده عليه الصلاة والسلام ومواضع غزواته ومدفن كثير من أصحابه مع وقوع ذلك في المشاهد الجليلة فما بالك بما وقع في الجاهلية لا سيما ما لا يكاد أن يحضره أحد إلا من وقع له كمولد علي رضي الله عنه ومولد عمر ومولد فاطمة رضي الله تعالى عن جميعهم فهذه أماكن مشهورة عند أهل مكة فيقولون هذا مولد فلان وهذا مولد فلان وذلك من البعد أبعد من تعيين مولده عليه الصلاة والسلام لوقوع كثير من الآيات ليلة مولده صلى الله عليه وسلم وقد يتنبه بعض الناس لذلك بسبب ما ظهر من الآيات وإن كانوا أهل جاهلية وأما مولد غيره ممن ولد في ذلك العصر فتكاد العادة أن تقطع بعدم معرفته إلا أن يرد خبر عن صاحب الواقعة بنفسه أو أحد من أهل بيته وحاصل الأمر أن هذه الأماكن اشتهرت بين الناس فتزار بحسن النية لعظم قدر من أضيفت إليه صلى الله عليه وسلم فليستحضر الزائر في قلبه عظمة من نسبت إليه الأمكنة وعظمة تلك النسبة ولا يشغل قلبه بصحة النسبة وضعفها لوجودها في الخارج ولو عدمت في نفس الأمر لرعاية تعظيم الموجودة على النسبة له أثر كبير يعني الجلب والدفع نسأله تبارك وتعالى أن يجعلنا ممن يعظم حرماته وشعائره تعظيما يوافق أمره وقد مر قريبا ذكر باقي المزارات التي تزار في مكة.