ولمدينة تونس سور يدور بها ويقال أن دورها أربعة وعشرون ألف ذراع وجامعها مليح الصناعة حسن الوضع مطل على البحر بناه عبيد الله بن الحجاج هو ودار الصناعة سنة أربع عشرة ومائة وأنفذ إليها البحر وتونس في سفح جبل.
قالوا وهي دار علم وفقه وعلى نحو عشرة أميال منها نهر مجردة وهو على الطريق إلى المغرب ويقال أن من شرب منه قسا قلبه فأكثر الناس يجتنبون الشرب منه وسميت تونس لأن المسلمين كانوا لما افتتحوا إفريقية ينزلون بإزاء صومعة ترشيش ويأنسون براهب هناك فيقولون هذه تونس فلزمها هذا الاسم.
ونزل عليها عبد المؤمن بن علي سنة أربع وخمسين وخمسمائة فحاصرها ثم دخلها عليهم واختلفت عليها ولاة الموحدين إلى أن نزل عليها علي بن إسحاق الميورقي فحاصرها ثم ملكها وغرم أهلها مائة ألف دينار وعنف نوابه الناس في تقاضيها ثم أخرج عنها لما بلغه تحريك صاح المغرب إليها أبي عبد الله محمد بن يعقوب المنصور وولى عليه الهزائم كبير أصحابه المولى أبو محمد عبد الواحد المرة بعد المرة.
ومن تونس الشيخ علي بن زياد الفقيه صاحب مالك بن أنس رضي الله عنه وقبره بداره بباب المنارة ومنها الإمام العابد محرز بن خلف ذو المناقب الشهيرة وقبره بداره بداخل باب السويقة ويقال أن من تونس تقصم الجبابرة وينشد على ذلك شعر :
وكل جبار إذا ما طغى |
|
وكان في طغيانه يسرف |
أرسله الله إلى تونس |
|
فكل جبار بها يقصف |
ودور بحيرتها أكثر من أربع وعشرين ميلا وفي وسطها جزيرة تسمى شكلي في مقدار ميلين تنبت الكلخ وفيها أثر قصر خرب وتونس في سفح جبل يسمى أم عمرو بقبلي مدينة تونس جبل يعرف بجبل التوبة ما ينبت شيئا وهو المسمى اليوم بجبل