ومن فضائلها ما يروى أنه أحرم منها بالعمرة ثلاثمائة نبي ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم فحص موضع مائها بيده المباركة فانبجست فشرب منه وسقى الناس ويقال انه غرز فيه رمحه فنبع ومنها مسجد التنعيم حين اعتمرت عائشة رضي الله عنها وفي مكة غير هذا من المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثار مشهورة عند أهل مكة قد تطاولت عليه الأعصار ووجدنا التنصيص على اشتهارها في القرون الماضية من كثير من المؤرخين والمرتحلين مع العلم بعدم اشتهارها في القرن الأول والثاني وما يقرب منهما فتزار بالنية المتقدمة وبنية من دخلها وتبرك بها من المسلمين من لدن تلك الأعصار إلى الآن وقد علم اختلاف الأئمة في القديم والحديث في تنذه هذه الآثار والمشاهد التي لم يرد بها خبر صحيح بمكة والمدينة والقدس وميل أكثرهم لا سيما المالكية إلى عدمن التقييد بذلك لما علم من شدة حرصه على الإتباع فقد ورد أن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ارتحل إلى المسجد الأقصى فلما دخله لم يزد على أن صلى فيه ركعتين ودعا ورجع من يومه ولم يقف إلى الصخرة ولا إلى غيرها من الآثار والمشاهد الكائنة هناك مع كثرتها إذ لم يصح في الحديث إلا إتيانه للصلاة فاقتصر على ما صح عنده ولم يعرج على غيره والكل إن شاء الله تعالى مصيب ، ففاز من الأجر بأوفر نصيب ، قل كل يعمل على شاكلته ، وحسن نيته وصفاء طويته.
انعطاف إلى ما كنا بصدده وهو أننا لما صلينا الظهر والعصر في المسجد المشهور وهو مسجد نمرة توجهنا إلى محل الوقوف والمشاهدة ، ومكان التضرع والمساعدة ، زاد الاشتياق إلى الجليل ، والتعلق بكل حبيب وخليل ، فأصاب الناس شدة الحر والوهج ، حتى كاد أن يذيب الأكباد والمهج ، فتفرقت الناس على رفع أحمالها ، وسلكت مسالك جمالها ، فركب من ركب ومشى الماشي والغريب ، وساق الإبل كل أجير ونقيب ، وقد انفصل الجميع بالتوجه والأدب ، إلى محل الاعتراف والاغتراف