اللخمي من بعد وكذا الشيخ النوري وقد أدركت بعض تلامذة النوري وهو ضرير في الحجة الثانية كبير السن سبعي ضرير (١) ومدينة صفاقس على شاطئ البحر وفيها بساتين عظيمة وجنات كثيرة يستحيلها الناظرون ويستحسنها المسافرون جمعت بين البر والبحر تجتمع فيها الخيرات وتعمها البركات أفاض الله علينا من بركات أهلها وصنعة الكتان فيها كثيرة وهو معلوم عند الناس ومشهور لديهم.
نعم ظلم القواد والعمال أضر بهم وبأهل الساحل جميعا وأما أهل الخير فيه أي الساحل وأهل الصلاح والعلم الأحياء والأموات لا يضبط عدهم ولا يستقصى حدهم جعلنا الله في زمرتهم ومن علينا ببركاتهم آمين.
ثم ظعنا منها بعد ذلك اليوم وأهلها طالبون الإقامة منا والحجاج متعجلون فذهبنا عند صلاة الضحى وأما أول الركب فقد سار عند بيان الوجوه فسرنا كذلك إلى أن قربنا إلى قرية مشهورة فيها قصر عظيم وبناء جسيم حكيم البنيان متقن الصنعة عريض المتن له أبواب كثيرة طبقة على طبقة واسع المتن طويل البناء ولا اعلم من بناه وأظنه من بناء المتقدمين من الجهال وحوله قرية مستديرة به كثيرة الزيتون خارج عن العادة عدا ووسعا وكبر جثة طويل الفروع فلا تكاد أن ترى الشمس من خلاله وأظنها أنها سميت بجمال فبتنا دونها ومررنا عليها عند الضحى الأعلى فسبقنا الركب لننظر ذلك القصر فنزهنا فيه العيون وريضنا فيه الأفكار وفيه غاية الاعتبار قل نظيره فلا تحصى ما فيه من العجائب والغرائب ثم انفصلنا عنها متعجبين غير أن أهلها من الضعفاء يظهر ذلك من سوقهم وسيمتهم تشهد بذلك ثم سرنا كذلك إلى الليل فبتنا دون سوسة وتجنبنا طريق جمال وقد دخلتها في الرجعة من الحجة الثانية وجمال قرية عظيمة متسعة العمارة فيها سوق وحوانيت ولا سور محيط بها كجميع القرى الخالية
__________________
(١) في نسخة بإسقاط سبعي ضرير.