بالزوارة الشرقية فسقينا منها واستقينا وماؤها عذب بارد وتسمى الزوارة الكبرى.
قال شيخنا المذكور ما نصه وتسمى كوطي بضم الكاف وكسر الطاء المهملة وهي قرية أضخم من الزوارة الغربية وأكثر غابة وفي أهلها شجاعة وحدة (١) نفس وكانت طاعتهم للعرب مشوبة بعصيان ومنتهاها قرية ولول وبينهما عشرون ميلا وهما قريتان متشابهتان عذوبة ماء وخربا باء وولول هذا منتهى أرض الزوارات من ناحية المشرق وسميت بذلك لأن أقواما من الأعراب يعرفون ببني ولول نزلوا بها وكذلك تعرف في القديم بأرض بني ولول هي أكثر بقاع الأرض ظباء ولأهلها دربة في صيدها بإشراك ينصبونها لها تميزوا بذلك عن غيره وأما الزوارة الغربية فتسمى الصغرى وتعرف أيضا بوطن بلد المرابطين وهي قرية ذات نخل كثير باسق الارتفاع وماؤها في غاية العذوبة وقد استولى الآن الخراب على هذه القرية فليس العامر منها إلا بعض العامر وأمام هذه القرية بمقربة منها قصر يسمى وزدر بكسر الواو وسكون الزاي وكسر الدال المهملة قد امتحى رسمه وبقي اسمه وتخرب أكثر البناء الذي يحف به ولم يبق من أهله إلا أناس قليلون وهذا الموضع المشهور أهله ببيع من يختار به من الحجاج وغيرهم النصارى ولم تزل الأركاب تحترس إذا مرت به خوفا من أهله وخوفهم على سرقة الرجال أكثر من خوفهم على سرقة الأموال فإذا جازوا ولم يفقدوا أحدا هنأ (٢) بعضهم بعضا بذلك وكان هذا الفعل كثيرا فيهم شائعا ذائعا فيما تقدم وأما الآن فقد قل ذلك لقلة العامرين به.
ومن هذه القرى كان الابتداء بسلوك منازل البربر المتمسكين بمذاهب الخوارج المستحلين لدماء المسلمين وأموالهم [وهذا المذهب هو الغالب على جميع البقاع التي
__________________
(١) في الرحلة الناصرية وغرة.
(٢) في رواية هنا (بغير همز) إلا نبّه.