والآخرة بمنه وكرمه فسرنا كذلك إلى الليل ثم ظعنا صبيحة إلى أن مررنا على القصر الذي فيه النصارى اعني الرهبان فلما وصلنا إلى باب القصر أشرفوا لينا فكلمناهم فكلمونا وسألونا عن مصر وكيف هي وعن حالهم فأجبناهم عما وقع بينهم وبين صالح باي الذي كان في الصعيد وقلنا لهم انتشب بينهم القتال وانهزمت طائفة مصر فأملوا زوارق أخرى فنزلنا القصر الطرفاني الخالي الذي دفنا به ابن سيدي محمد الحاج فبتنا فيه خير مبيت ثم ظعنا إلى الأجفار فوصلنا قرب الزوال بسويعات ثم ظعنا منه سائرين إلى الشمامة إلى أن وصلنا بعد مرحلتين والله أعلم إذ نزلنا قربها فبلغناها صبيحة وماؤها قبيح من أقبح مياه برقة يشوي الوجوه بئس الشراب إلا بعض الآبار فإن ماءها قرب م العذب وهي البئر التي تلي جهة المشرق وأنها تحت حجر فبتنا فيها خير مبيت إلى أن وصلنا معطن الجميمة فنزلنا فيه وجميمة على وزن كريمة وماؤها مختلف فبعض لا بأس به عذب وبعضه زعاق إلا أن أكثر الحجاج عنده الغنى وإنما يصلح للإبل وكذا ماء الشمامة إنما يصلح للجمال فقط إلا من اضطر لشربه.
وقال شيخنا سيدي أحمد بن ناصر أن سانية قربها ماؤها عذب فأنا أعرفها والسؤال في حجتنا هذه متعذر لفقدان أهل برقة فإن المجاعة أجلتهم من وطنهم وكذا تعدي بعضهم على بعض حتى انه لا يطيق أحد النزول في برقة من غزو بعضهم لبعض فلا تجد أحدا تسأله عن المواضع فظعنا منه إلى أن بلغنا معطن المدار فاستقى الناس وسقوا إبلهم فإن ماءها طيب لا بأس به فرفعوا الماء ثلاث مراحل إلى جرجوب والعقبة الصغرى قبل معطن المدار بسويعات قليلة وفي الطريق ماؤها ملح أجاج فلا يشربه إلا الإبل ثم سرنا ثلاث مراحل إلى أن نزلنا جرجوب فسرنا مراحل كل مرحلة باسمها عند أهلها من بدوها إلى أن بلغنا معطن أم أقرب (١) وماؤه أيضا عذب طيب لا
__________________
(١) كذا في جميع النسخ وفي الرحلة الناصرية المغرب وهو مغرب ما في صحيفة ٢٣٦.