كأني أنظر إلى نسائهم كاشفات الرؤوس لا يدرون أين يهربون ولا يجدون مهربا (١).
ومن فضائلها ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جزيرة المغرب منقطعة يقال لها الأندلس يسكنها أقوام غرباء في آخر الزمان رباط يوم وليلة فيها يعدل عند الله عبادة خمسين سنة النائم فيها مع عياله على فراشه كالضارب منكم بالسيف بين يدي أو كالصائم القائم في غيرها فطوبى لمن أدركه أثر قدم فيها كأثر شهيد متشحط في دمه وشهداؤها أفضل الشهداء هي الجزيرة الخضراء الزهراء وأن الريح لتحمل أرواحهم إلى بيت المقدس إلى يوم القيامة فيبعثون مع النبيين إلى غير ذلك من فضائلها.
وإنما ذكرت هذه [يعني إفريقية](٢) لوجود النيل منها والنيل أعجب ما في مصر وقد ذكرت بعض عجائبها لأن كثيرا من عامة الطلبة بل الخاصة منهم لا يعلمون عجائبها أصلا لا سيما أهل بلادنا فإن علم التاريخ منعدم فيهم وساقط عندهم فيحسبونه كالاستهزاء أو اشتغالا بما لا يعني أو من المضحكة المنهي عنها فترى المتوجه منهم إلى الله يرى الكلام فيه مسقطا من عين الله تعالى.
نعم ليس من علم يذكر إذ (٣) لا طائل فيه أصلا بلا بنفس ذكره عندهم ينكر وكيف ذلك فإن علم السير إنما هو منه أي سير الأنبياء وشمائلهم ووقائعهم وبعوثهم وسراياهم وحجهم وخصائصهم وقصصهم وقد قال تعالى وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وإن في ذلك عبر وقد ورد أن تفكر ساعة أفضل من عبادة كذا وكذا نسة وقد قال صلى الله عليه وسلم حرفة العالم ستة أشياء إذا ذكر الله
__________________
(١) كذا في جميع النسخ.
(٢) ما بين القوسين ساقط في ثلاث نسخ.
(٣) في نسخة ليس من عالم إلا ويذكر أنه وهو الأصوب.