إلى قرب مصر وفيه معادن مختلفة من جميع أحجار الأرض وأجناسها وقد عمرت البربر هذا الجبل من أوله إلى آخره وأكثرهم من ناحية المغرب الأقصى وأحوال البربر من ملوكهم وقوادهم وعلمائهم وقضاتهم مما يبهر العقول.
وقد أدعى النبوءة من البربر ثلاثة صالح بن طريف ، وعاصم بن جميل ، وحميم بن من الله ، وقد شرع لهم شرائع صلاتين غدوة وعشية وصوم الاثنين والخميس وعشرة أيام من رمضان وأحل أكل الخنثى من الخنازير وأمر بتذكية الحوت وحرم رؤوس الحيوانات كلها فقتله الناصر الأموي وقتل كل من معه ممن خالف السنة ثم أهلك الله الجميع والبربر قد تدينوا قبل الإسلام بأديان شتى فمنهم من تنصر ومنهم من تمجس ومنهم من تهود ومنهم من كان كالبهائم لا دين له وإنما أسلموا في خلافة معاوية بن أبي سفيان إذ بعث عقبة بن نافع القرشي إلى إفريقية بعد أن فتحها المسلمون في خلافة عثمان بن عفان.
فنزل أرض القيروان فاختارها للعمارة وكانت لا يأويها إلا الوحوش والهوام فصار يقول لها أخرجي أيها الوحوش والهوم بإذن الله تعالى فبقيت أرض القيروان أربعين سنة لم ير فيها شيء من الهوام المؤذية ولا السباع العادية ثم شرع في بناء مدينة القيروان وقال لهم هذا أوسع لإبلكم وأمان عليكم من روم القسطنطينية وإفرنج الجزيرة الخضراء فتوجه عقبة إلى المغرب يستفتح مدينة بعد مدينة وهو يقاتل البربر فاقتتلوا قتالا عظيما فانهزم البربر فكان قتال المسلمين لهم ذريعا وانهزم البربر والمسلمون خلفهم بالقتل والسبي إلى أن وصلوا إلى البحر المحيط الغربي من بلد أسفي فأدخل عقبة قوائم فرسه في البحر ثم انصرف راجعا لا يقدر أحد أن يعترضه فلما وصل جبل أوراس بإفريقية قتله كسيلة ابن كمر الأوراسي ابن المصوار بموضع يقال له تهودة وذلك سنة ثلاث وستين من الهجرة.