وبويع ابنه الراشد بالله جعفر بن المسترشد بالله إلى أن قتله القدرية ولما مات ترك بضعا وعشرين ولدا من الذكور.
وبويع بعده عمه المقتفي بالله وإنا سمي بذلك لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قبل خلافته بسبعة أشهر فقال له يصلك هذا الأمر فاقتف فكان لا يخالف السنة في أمر الملك وفي دولته زلزلت الأرض فمات فيها بالردم مائتا ألف وثلاثون ألفا وزلزلت مرة أخرى في حلوان (١) حتى تقطعت الجبال وهلك بها أكثر الخلق وزلزلت من الشام ثلاثة عشر بلدا منها ما هلك جميعه ومنها ما بقي منه القليل.
وبويع بعده أبو المظفر يوسف المستنجد بالله بعهد أبيه له بذلك.
ومن عجائب ما رأى ليلة موت أبيه رأى ملكا في صفة شخص نزل من السماء وكتب له في يده أربع خاآت في الألفاظ الأربعة (أي يلي الخلافة سنة خمس وخمسين وخمسمائة) وكان ذا عدل وإنصاف خلافته إحدى عشرة سنة.
وبويع ابنه علي المستضيء بنور الله ولم يكن في الملوك العباسيين من يعظم العلوم مثله توفي سنة خمس وسبعين وخمسمائة وكانت خلافته تسع سنين ونصفا واحتجب عن الناس فلا يدخل عليه إلا وزيره.
وبويع ابنه أحمد الناصر لدين الله فبسط العدل وغير المنكرات وكسر آلات الملاهي والطرب وأزال المكوسات في جميع البلاد فكثرت الأرزاق ورخصت الأسعار وعمرت بغداد وسعد الخلق في أيامه ودامت خلافته سبعا وأربعين سنة إلى أن توفي سنة اثنتين وعشرين وستمائة وهو ابن سبعين سنة وكان يدور بالليل في
__________________
(١) كذا في جميع النسخ.