شرب الخمر من جميع بلاده وطاعته ونفى المغنين والمغنيات حتى لم يدع في أيامه منكرا ولا باطلا وكان يقول استحيي أن يكون في بني أمية عمر بن عبد العزيز ولا يكون في بني العباس مثله وكان يصوم الدهر ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فلم يرد ذلك الأتراك فهربوا منه لما قطع عليهم الخمر وخالفوا عليه فهرب أهل الفساد إلى الترك وأهل الصلاح إلى المهتدي ووقع بينهم الحرب العظيمة واشتدت الفتنة وانقطعت الطرق وحاصروه في قصر الخلافة بعد ان قتل من المغاربة الذين معه خلق كثير وقتل من أبطاله نحو الأربعة آلاف فخرج المهتدي بالمصحف في يده يدعو إلى الحق وإلى نصرة الدين فغدره طبيع أخو بابك وأخوه حيا وحملوه إلى دار الخلافة وربطوا انثبيبه حتى قتلوه وكانت خلافته أحد عشر شهرا وأياما.
وبويع المعتمد على الله أحمد بن المتوكل على الله يوم قتل عمه المهتدي بالله فاستوزر ابن عمه الموفق بالله ولم يدع لنفسه إلا اسم الخلافة فلما مات الموفق بالله استوزر ابنه المتفضل بالله إلخ وكان مولعا بالطرب وآلاته والغناء ونغماته فانظر أنواعه في هذا الكتاب وقد قيل :
من لا يهيجه الروض وأزهاره |
|
ولا يسليه العود وأوتاره |
فذلك فاسد المزاج |
|
فما لداء علته علاج (١) |
فقال المعتمد أحسنت فكم هي إيقاعه وطرقه الثقيل الأول وخفيفه والثقيل الثاني وخفيفه والرمل الأول وخفيفه والهزج وخفيفه إلخ وما كان اشتغاله إلا بأمور اللهو.
وبويع المعتضد بالله واسمه أحمد سنة تسع وثمانين ومائتين وكانت ولايته ست سنين وستة أشهر وفي أيامه وأيام ابنه بعده صلحت الدنيا واخذ الناس بالملاطفة
__________________
(١) كذا في جميع النسخ فليحرر.