جارية بكر حسنة فأرضينا أبويها بالأموال وألبسناها الحلي والحلل فألقيناها في النيل فقال لهم إن الإسلام يهدم ما قبله فمكثوا ثلاثة أشهر والنيل لم يفض شيئا فأتى الناس إلى عمرو بن العاص وقالوا أن لم نفعل عادتنا أجدبنا فكتب عمرو بن العاص لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وأعلمه بذلك فأخذ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بطاقة وكتب فيها بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين إلى نيل مصر أما بعد فإن كنت تفيض بما تفيض فلا تفض وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك فأرسل البطاقة لعمرو بن العاص وقال له ألقها في النيل فألقاها يوم الجمعة فأصبحوا يوم السبت وقد فاض النيل في ليلة ستة عشر ذراعا وقطع تلك العادة من ذلك الوقت ولم يشاهد النيل فاض قط مثل ذلك المقدار إلا مرتين هذه الواحدة والأخرى في زمان موسى عليه السلام لما أهلك الله فرعون وكان عمر يقول الحمد لله الذي وافق مراده مرادنا في أشياء كثيرة أني قلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فأنزل الله (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) وكسر الخاء هو المشهور من القراءات وقلت يا رسول الله لو صلينا لبيت الله الحرام فأنزل الله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وقلت يا رسول الله أحجب نساءك فانه يراهن البر والفاجر فأنزل الله آية الحجاب.
قال كعب الأحبار وضع الله في الدنيا أربعة أنهار من الجنة نهر من عسل وهو النيل ونهر من خمر وهو الفرات ونهر من ماء وهو سيحان ونهر من لبن وهو والله اعلم جيحان ذكره في كتاب الهداية وكان عمر رضي الله تعالى عنه مر بعبد يرعى غنما فقال له يا راعي بعني شاة يريد اختباره فقال له العبد أني أجير وليس الغنم لي فقال له عمر قل لسيدها أهلكها الذئب فقال له العبد وأين الله فبكى عمر واشتراه وأعتقه لله وقال له أعتقتك لكلمة في الدنيا ولعلها تعتقك في الآخرة ولم يكن في الخلفاء من يهابه الخلق مثل عمر رضي الله تعالى عنه لأنه كان للأرامل كالزوج المقيم وللأيتام كالأب الرحيم