ذكر عجائب مصر القديمة
وقد قيل أن عجائب الدنيا ثلاثون أعجوبة عشرة منها بسائر البلاد وهي مسجد دمشق وكنيسة الرها وقنطرة طنج وقصر عمان وكنيسة رومية وصنم الزيتون وإيوان كسرى بالمدائن وبيت الريح بتدمر والخورنق بالحيرة والثلاثة أحجار ببعلبك والعشرون الباقية بمصر وهي الهرمان وهما أطول بناء وأعجبه ليس على الأرض بناء أطول منهما وإذا رأيتهما ظننت أنهما جبلان موضوعان ولذلك قال بعض من رآهما ليس شيء إلا وأن أرحمه من الدهر إلا الهرمان فأنا أرحم الدهر منهما وصنم الهرمين وهو بلهوية ويقال بلهنيت وتسميه العامة أبا الهول والفيوم وهي مدينة دبرها يوسف عليه السلام بالوحي وكانت ثلاثمائة وستين قرية على كل قرية منها مصر يوما وليس في الدنيا بلد بني بالوحي غيرها وجبل الطير فيه أعجوبة لم ير مثلها وهي باقية إلى الآن ومنها النيل ومنها الإسكندرية مدينة على مدينة على ثلاث طبقات وليس على وجه الأرض مدينة على مدينة على هذه الصفة سواها وأما الأهرام فهي في زمان شداد بن عاد أي بنيت كما ذكره البعض وإلا فأهل المعرفة لم ينصوا عليها والذي بنى الأهرام سوريد ابن سلهوق ملك مصر وكان قبل الطوفان بثلاثمائة سنة وبناها لسبب فانظره في هذا الكتاب وعليها كتابة منقوشة تفسيرها بالعربية أنا سوريد الملك بنيت الأهرام في وقت كذا وكذا وأتممت بناءها في ست سنين (١) فمن أتى بعدي وزعم انه مثلي فليهدمها في ستمائة سنة وقد علم أن الهدم أيسر من البناء وأني كسوتها عند فراغها الديباج فليكسها بالحصر وأتى بعض الملوك لنقب كوة في الحائط فانفق عليه ألف دينار فوجد ما أنفقه فيه كذلك ولما فتحه المأمون أقام الناس يدخلونه فمنهم من يسلم ومنهم من يموت وقال بعض الشعراء وهو عمارة اليمني :
__________________
(١) في نسخة ستين سنة.