الحديد الصيني عرضها سبعة أذرع كانوا يرون فيها جميع من يخرج من البحر من جميع بلاد الروم فإن كانوا أعداء تركوهم فإذا قربوا منها ومالت الشمس للغروب أداروا المرآة مقابلة الشمس واستقبلوا بها السفن حتى يقع شعاع الشمس في ضوء المرآة فتحترق السفن في البحر عن آخرها ويهلك كل من فيها وكانوا يؤدون الخراج ليأمنوا بذلك من أحراق المرآة لسفنهم فلما فتح عمرو بن العاص الإسكندرية احتالت الروم بان بعثت جماعة من القسيسين المستعربين وأظهروا أنهم مسلمون وأخرجوا كتابا زعموا أن ذخائر ذي القرنين في جوف المنارة فصدقتهم العرب لقلة معرفتهم بحيل الروم وعدم معرفتهم بمنفعة تلك المنارة والمرآة وتحيلوا أنهم إذا أخذوا الذخائر والأموال أعادوا المنارة والمرآة على ما كانت فهدموا مقدار ثلثي المنارة فلم يجدوا فيها شيئا وهرب أولئك القسيسون فعلموا حينئذ أنها خديعة فبنوها بالاجر ولم يقدروا ان يرفعوا إليها تلك الحجارة فلما أتموها نصبوا عليها تلك المرآة كما كانت فصدئت فلم يروا فيها شيئا وبطل إحراقها والنصف الأسفل من عمل ذي القرنين يدخل الإنسان من الباب الذي بالمنارة وهو مرتفع عن الأرض مقدار عشرين ذراعا يصعد إليه من قناطر مبنية بالصخر المنحوت فإذا دخل من باب المنارة يجد على يمينه بابا فيدخل منه إلى مجلس كبير طوله عشرون ذراعا مربعا يدخل فيه الضوء من جانبي المنارة ثم يجد بيتا آخر مثله ثم مجلسا ثالثا ومجلسا رابعا كذلك قال ولقد عملت الجن لسليمان بن داود عليهما السلام في الإسكندرية مجلسا من أعمدة الرخام الملون المجزع كالجزع اليماني المقصول كالمرآة إذا نظر الإنسان إليها يرى من يمشي خلفها لصفائها وكان عدد الأعمدة ثلاثمائة عمود وكل عمود بثلاثمائة ذراع (١) وفي وسط المجلس عمود واحد يتحرك شرقا وغربا يشاهد ذلك الناس ولا يدرون ما سبب حركته.
__________________
(١) في حسن المحاضرة ثلاثون ذراعا وهو الأصوب وفيها هنا أيضا زيادة في العبارة.