بعد غروب الشمس فسألتهم فقالوا من خرج منا اختطف فهيأت لهمه الطلسمات بمصر في الإسكندرية وعن عطاء الخراساني قال كان الرخام قد سخر لهم حتى يكون من بكرة إلى نصف النهار بمنزلة العجين فإذا انتصف النهار اشتد وكانت الإسكندرية تسمى قبل الأسكندر رفودة وبذلك يعرفها القبط في كتبهم القديمة وعن الليث بن سعد قال كانت بحيرة الإسكندرية كرما كلها لامرأة المقوقس فكانت تأخذ خراجها منهم الخمر بفريضة عليهم وكثر الخمر عليها حتى ضاقت به ذرعا فقالت لا حاجة لي في الخمر أعطوني دنانير فقالوا ليس عندنا دنانير فأرسلت عليهم الماء فأغرقتها فصارت بحيرة يصاد فيها الحيتان حتى استخرجها بنو العباس فسدوا جسورها وزرعوا فيها ومن عجائب الإسكندرية عمود السواري وليس في الدنيا مثله قال صاحب المرآة وقد شاهدته ويقال أن أخاه بأسوان قال ابن فضل اله بظاهر الإسكندرية عمود السواري عمود مرتفع في الهواء تحته قاعدة وفوقه قاعدة يقال انه لا نظير له في العمد في علوه ولا في استدارته.
قلت وقد رأيت هذا العمود لما دخلت الإسكندرية في رحلتي ودور قاعدته ثمانية وثمانون شبرا ومن المتواتر عن أهل الإسكندرية إن من حاذاه عن قرب وغمض عينيه ثم قصده لا يصيبه بل يميل عنه وذكروا أنه لم تحصل إصابته لأحد قط مع كثرة تحريهم في ذلك وقد جربت ذلك مرارا فلم أقدر أن أصيبه وذكر لي بعض فضلاء الإسكندرية إنها كانت أربعة أعمدة على هذا النمط وكانت عليها قبة يجلس بها أرسطو صاحب الرصد وعن التنوخي قال كان بالإسكندرية صنم من نحاس يقال له شراحيل على خشفة من خشف البحر وكان مستقبلا بأصبعه القسنطينية لا يدري أكان مما عمله سليمان أو لإسكندر فكانت الحيتان تجتمع عنده وتدور حوله فتصاد فكتب أسامة بن الوليد بن عبد الملك يخبره بخبر الصنم ويقول أن الفلوس عندنا قليلة فإن رأى أمير المؤمنين أن يقطع الصنم ويضربه فلوسا فأرسل إليه الوليد رجالا أمناء فانزلوا الصنم