أطال في بعض أسفاره اشتاقه أهل المدينة فلما سمعوا بأيابه تلقاه الناس رغبة وشوقا فتسابق إليه الصبيان فيأتوا معه ليلة الخميس والجمعة فأجازهم جائزة وأنهم لا يقرءون يوم الخميس ويوم الجمعة إلى صبيحة يوم السبت وهذا حاصل معناه.
ثم قال شيخنا المذكور ومن عادتهم أيضا في الحرمين الشريفين التهنئة بالشهر أي شهر كان خلاف المعتاد لدينا بالمغرب فإن التهنئة عندنا إنما تكون بالأعياد وما شاكلها ولديهم لا بد من التهنئة في أول يوم من كل شهر فيذهب كل واحد إلى من له عليه حق بولاية أو شيخوخة أو صحبة حتى يهنئه بالشهر في منزله ولله در القائل :
أن الأهلة في السماء مناجل |
|
بطلوعها تتحصّد الاعمار |
أبدا يهنيء بعضنا بعضا بها (١) |
|
وطلوعها بأفولنا انذار |
ومن عادتهم في إقامة الصلوات الخمس في الحرم الشريف تقديم الصلاة في أول الوقت ما عدا الصبح للحنفي فيؤخره إلى قرب الأسفار فيصلون الظهر أول ما تزول الشمس وما يقبل غالب الناس إلا بعد الصلاة فيذهبون بعد الصلاة إلى منازلهم لنوم القائلة وكان ذلك يشق على الغرباء قبل اعتيادهم لذلك فتكاد صلاة الظهر تفوتهم في المسجد لأنهم لا يتأهبون لها إلا بعد الأذان وليس بين الأذان والصلاة قدر يسع التأهب فمن لم يتأهب للصلاة قبل دخول الوقت فاتته الصلاة في الجماعة غالبا وذلك خلاف السنة في تأخير صلاة الظهر إلى ربع القامة أو أزيد للإبراد في شدة الحر فأنا لله وإنا إليه راجعون على تفويت الفضائل في أماكن قطب الأفاضل وأول من يصلي من الأئمة الشافعي ثم الحنفي إلا في صلاة المغرب فيتقدم الحنفي لضيق الوقت عنده كالمالكي ولا يؤم بالمدينة من الأئمة سواهما من أهل المذاهب إلا في الجمعة فيصلي صاحب النوبة على أي مذهب كان فيتناوب الإمامان الصلاة في المحراب النبوي فإن
__________________
(١) في ثلاث نسخ بمصابها.