والديس وفي أعلى الوادي نخل وأرض صالحة للحرث فلما يخلو ذلك المحل من أعراب نزول به فيكثر الخوف ويعظم ضررهم لا سيما مع نزول الليل فيأخذ الناس حذرهم فيطلعون الرماة إلى أعلى الوادي مراقبين حتى يأخذ الناس حاجتهم من الماء ويكتفوا فيأتي الرماة لمنازلهم على شفير الوادي عند منزل الركب مسجد بني بالحجارة المنحوتة ومنبر بإزائه.
ثم ارتحلنا منه يوم الأربعاء إلى أن قال إلى بندر المويلح وبنينا الأخبية بحيث تقرب الأمواج من الأستار وماء هذا البندر كثير حلو فيه آبار كثيرة وبساتين حسنة ونخل وهناك حصن كبير وفيه عسكر وأمير وتخزن فيه الميرة والفول كثيرا وعلى بابه سوق كبير يوجد فيه غالب المحتاج وبه موسى حسنة تنزل بها السفن القادمة من السويس والقادمة من جدة ومن القصير.
تتميم قال البكري رضي الله عنه في ذكر المراحل من العقبة إلى المويلح ثم سرنا إلى مرحلة يقال لها ظهر الحمار ، وهي محطة عالية كثيرة الأوعار ، يصعد إليها من عقبتين ، واليمنى أوسع من اليسرى في المسلكين ، قال الشاعر :
صعدوا على ظهر الحمار لعلهم |
|
أن يبلغوا بعصودهم كل الأمل |
تعب الحمار من الطريق وطولها |
|
ومديدها واجتث من بعد الرمل |
حتى الجمال به شكت يا هل ترى |
|
يقبل (١) به عذر الحمار أم الجمل |
ومدة المسير إليه ثمانية من الساعات ، محررة عند أهل الميقات ، ثم سرنا إلى بين الجرفين ، وهو مكان كأن الجبال قد قسمت به شطرين ، يحترز منه أن يقذف بالحجاج ، في أيام السيل إلى البحر المالح الأجاج ، قال الشاعر ملغزا فيه :
__________________
(١) في الرحلة العياشية به تلت ياهل ترى نقبل.