أي العالي المرتفع من الحصون نسأل الله تبارك وتعالى بجوده وإحسانه العميم ، وبركة نبيه الكريم ، أن يحمي وفد بيته بما به قد حمى نبيه العظيم ، وينصر زواره بما نصر به رسوله وان لا يقطع الطريق بيننا وبين تلك الأماكن المشرفة والبقاع المطهرة فما دمنا في كل سنة طائفة ممن قدم من تلك المعاهد ، وورد من تلك الموارد ، وتشرف برؤية البيت العتيق والمسجد الحرام ، ووقف بالمشاعر ونسك المناسك العظام ، وصلى بين قبره ومنبره صلى الله عليه وسلم وزار محله الشريف ومحل أصحابه الأعلام ، فلا نشك أن مدد ذلك يسري في أدياننا وبلادنا وأبداننا ، وسائر متعلقاتنا ، ولو انقطعت رؤيتهم نعوذ بالله
من ذلك لاختل النظام ، وانقطع الخير بين الأنام ، اه نسأل الله تعالى الكرة إليها بعد الكرة أي الرجوع إليها والمرة بعد المرة آمين.
ووادي الرهبان واد كبير ذو رمل وفيه شجر النخل (١) وماؤه كثير وبه من أنواع الوحش والبقر والنعام (٢) والظباء والمها وغير ذلك من أنواع الصيد وإنما أضيف هذا الوادي للرهبان لأن به رهبان النصارى يتعبدون فيه ديور كل طائفة في دير ولا يدخل إليهم أحد من غير جنسهم وليس لهم زرع ولا ضرع وأهل الذمة من النصارى الذين بمصر يعاملونهم ويبعثون إليهم بالنذور والصدقات من الطعام والكسوة ومن هناك تمر الطريق من مصر إلى أوجلة إلى أن قال واشترى الحجاج ما أرادوه من أنواع الطعام الريفية وتنعموا وزال ما بهم من العياء وألقت إليهم المسرة مقاليدها أي أمروها كيف لا ونحن على ساحل النيل الذي هو أشرف الأنهار الأربعة الخارجة من الجنة وآثار بركته ظاهرة بالعيان في مائه وترابه وقراه ومدائنه بحيث لا يوجد بلد أوسع مزارع وأكثر خصبا مع اتصال العمارة نحو الشهر من هذه إلا أنها لها مزيد اختصاص بمضاعفة الوظائف الجورية على الرعية بحيث تملك
__________________
(١) في الرحلة الناصرية فسلان نخل.
(٢) في الرحلة الناصرية النعم.