بماء المطر فشرب الناس وسقوا دوابهم واستقوا بل حصل المطر بالفعل فأغنانا عن المعاطن بل كل يوم أو يومين نجد غديرا من الماء بل الماء كثير.
وفي تلك المراحل مررنا بشجر التين والخروب وأظن أن هناك شجر الرمان وغيره وفي اليوم الرابع وجدنا ماء كثيرا أعني ماء المطر إذ وجدنا بئر ماجل كبير عظيم (١) فاستقى منه جميع من كان في المراكب وسقوا منه جميع دوابهم فلم يؤثروا فيه لكبره ووسعه بل شاهدنا فيه أمرا عظيما من وضع البركة التامة لكثرة الخلق إذ فيه ألوف مؤلفة فإن أخذ الركب في المشي لا يستقصيه الراكب من أوله إلى آخره إذ سمعنا من أهل طرابلس وأهل مصر بأن قالوا منذ حصل لنا التمييز ما طلع ولا جاء ركب من المغرب مثله وقد استعظموه غاية ومع هذا أن البئر لما رأيناه ظننا أنه لا يكفي العشر منه فكفى والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد انصراف الركب تأخرنا في جماعة فرأيناه كأنه لم يغرف منه دلو ولم يستق منه بشر ثم إن العجب العجاب في ازدحام الناس على البئر ولم يقع فيه أحد غير أني وقفت بالعصا على رءوسهم فمن أراد أن يؤذي صاحبه ضربته على ظهره ثم أن القوم أصابهم حياء من جانبنا غفر الله لجميعهم فحصل المقصود على التمام والوفاء فرأينا فضلا عظيما ، وخيرا عميما ، وذلك من خوارق العادة.
تنبيه ما هو أغرب من هذا وأعجب منه كرامة اليوم الذي بعد هذا اليوم حين قربنا من سطح العقبة ومرحولي شيخ الركب يتأخران عن الركب بكثير حتى لا نرى أحدا من الركب بل إنما نلحق الركب عند المبيت نعم من عادتي أتأخر مع الفضلاء سيدي أحمد الطيب وسيدي أحمد بن حمود (٢) وسيدي محمد الشريف النوفلي رفقا
__________________
(١) في نسخة بئرا كبيرا عظيما.
(٢) في نسخة حمودي.