طرف ، والحرامي (١) ، واستوسعت له مملكة ابن زياد الأولى ، واختط مدينة الكدراء (٢) على وادي سهام ، واختط مدينة المعقر ، على وادي ذؤال. وكان عادلا على الرعايا ، كثير الصدقات ، والصلات (٣) في الله تعالى ، مقتديا بسيرة عمر بن عبد العزيز في أكثر أحواله ، وعمر في الملك ثلاثين سنة ، ومات سنة اثنين [١٣] وأربع مئة.
ومن محاسن حسين بن سلامة ، إنشاء الجوامع الكبار ، والمنارات الطوال ، من حضرموت إلى مكة حرسها الله تعالى. وطول المسافة التي بنى فيها ستون يوما ، وحفر الآبار الروية ، والقلب (٤) العادية ، في المقافر المنقطعة ، وبنى الأميال والفراسخ ، والبرد على الطرقات. فمن ذلك ما رأيته عامرا ومهدوما ، ومنها ما رواه الناس لي رواية إجماع. فأوله شبام وتريم (٥) ، مدينتا حضر موت. اتصلت عمارة الجوامع منها إلى عدن وأبين ولحج ، والمسافة عشرون مرحلة ، في كل مرحلة جامع ومأذنة وبئر ، فأما عدن ففيها جامع من عمارة عمر بن عبد العزيز ، وجدده حسين بن سلامة ، ثم تفرق الطريق من عدن إلى مكة : فطريق تصعد إلى الجبال ، وطريق تسلك في تهامة. فأما طريق الجبال ، ففيها جامع الجوة (٦) وهو كبير أدركته عامرا بعمارة حسين بن سلامة ، ورأيت فيها جامع الجند ، وهو جامع مثل جامع أحمد بن طولون بمصر ، وكان مسجدا لطيفا ، أول من بناه معاذ بن [١٤] جبل ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حين بعثه إلى اليمن.
وأهل الجند وما حوله من القرى ، يرون في فضل هذا المسجد أخبارا من جهة الآحاد (٧) ، [منها](٨) : أن زيارته في أول جمعة من رجب تعدل
__________________
(١) في الأصل : ابن الحرامي.
(٢) صفة : ٥٤ ، ٧٢ ، ١٠٦ ، ١٩٠.
(٣) في الأصل : الصلاة.
(٤) القليب : والجمع قلب وقلب وأقلبه. ومعناها البئر.
(٥) صفة : ٨٧ ؛ حاشية ١١.
(٦) ياقوت : ٣ / ١٧٩ ؛ صفة : ٦٧ ، ١٩٠.
(٧) في خ : أخبار كثيرة عن رسول الله.
(٨) زيادة لتوضيح المعنى.